المؤتمر الوطني الأول أي سياسة للنوع الاجتماعي والمساواة في الجامعة المغربية ؟
أكادير – 22 ديسمبر 2022
ورقة تأطيرية
نالت قضايا النوع الاجتماعي والمساواة في المغرب حظا وافرا من الاهتمام في العقود الثلاثة الأخيرة. لكن تاريخ المغرب الحديث، سواء في الحقبة الاستعمارية أو ما بعد الاستعمار، تميز بحركات نضالية وترافعية قادها المجتمع المدني بوجه عام والحركات النسائية بشكل خاص. وقد واكبت الدولة المغربية هذا النضال عبر مؤسساتها (التشريعية والتنفيذية والدستورية) من خلال سنّ مجموعة من القوانين والمراسيم كما تزامن كل هذا مع إطلاق مشاريع الإصلاح التشريعي والبرامج التدريبية وحملات التوعية والدعوة إلى المشاريع التي تروم تعزيز قدرات النساء.
فمنذ السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين، وخاصة بعد اعتماد مبدأ الكوتا (سنة 2002 ثم سنة 2009) -الذي يضمن تمثيلية معينة للمرأة في الهيئات المنتخبة (التشريعية والترابية)- بدأ وضع المرأة المغربية يشهد تغييرًا طفيفًا ستتسرع وتيرته باعتماد الدستور الجديد سنة 2011. ويُعدّ هذا الدستور تتويجا لكل الجهود المبذولة، إذ يشير – على الأقل على مستوى النصوص – إلى قطيعة حقيقية مع الماضي بحيث ستنال فيه حقوق المرأة قسطا أكبر وأهم مقارنة مع دستور 1996. ويظهر ذلك جليا منذ الديباجة التي تنص مباشرة على المساواة وعدم التمييز المبني على الجنس: “”إلغاء ومكافحة كل تمييز ضد أي شخص بسبب الجنس”، وهو الأمر الذي تكرر في عدة مواد وفصول ومن بينها الفصل 19 المشهور، تماشيا مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
غني عن البيان أن القوانين الوطنية (بما فيها الدستور) والقوانين الدولية التي صادقت عليها المملكة (بما في ذلك اتفاقية سيداو (القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة)) تشكل دليلاً وخارطة طريق لجميع الاستراتيجيات التي تضعها السياسات العمومية في مجالات النوع الاجتماعي وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين. وتعني خارطة الطريق هذه جميع مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية والنقابات والجامعات والوزارات، والجماعات الترابية، إلخ. الشيء الذي يستدعي ضرورة تحيين الترسانة القانونية (مثل القانون الجنائي ومدونة الأسرة ومدونة الشغل، وما إلى ذلك) أو إعادة النظر فيها من أجل ملاءمتها مع نصوص ومقتضيات الدستور كما مع المواثيق الدولية المصادق عليها وذلك بهدف تحويلها إلى خطط عمل على أرض الواقع. إلاّ أنّ الواقع شيء آخر: فكلّما تعلق الأمر بالمرأة، نجد الواقع بعيدا كل البعد عن روح القوانين المذكورة. إذ لا يزال الواقع المجتمعي مشبعا بعقليات لا زالت متجذرة في أحكام ثقافية وعقائدية جاهزة ومدعومة بنظام تعليمي متقادم في مجتمع يشهد، بالرغم كل شيء، تحولات مستمرة وبسرعات متفاوتة.
نادرًا ما يتم تثمين النساء في البرامج التعليمية التي يتم تدريسها لأطفالنا، ونادرا ما يتم تقديمها على أنها مساوية للرجل. إذ يستمر نقل الصور النمطية للمرأة (وللرجل أيضا ) حتى يومنا هذا، في كل من الكتب المدرسية ووسائل الاتصال السمعي البصري. فالأطفال هم طلاب الجامعة غدا وصناع القرار في المستقبل في جميع القطاعات، بما في ذلك التعليم العالي.
سياسة النوع الاجتماعي في الجامعة لسنا مضطرين هنا أن نسرد تاريخ الجامعة المغربية، لكن لا بدّ من التذكير بأن أقدم جامعة في العالم – والتي لا تزال نشيطة – قد تأسست في المغرب على يد سيدة، فاطمة الفهرية. غير أنه غالبًا ما ينسى صناع القرار السياسي هذه النقطة إبّان التعيينات في مناصب المسؤولية المتعلقة بالجامعة والتعليم العالي بشكل عام.
سيتمّ التعامل، إذن، مع قضية النوع الاجتماعي في الجامعة المغربية من منظورين يشكلان في نفس الوقت محورين رئيسيين لابد من اعتمادهما:
1- تكافؤ الفرص وعدم التمييز .
2- مكانة مسألة النوع الاجتماعي في البحث العلمي.
– فيما يتعلق بتكافؤ الفرص، ينبغي إبراز الإحصاءات التي تعكس تطور ولوج الطالبات إلى التعليم العالي في جميع التخصصات والمؤسسات مجتمعة (الولوج عبر المباريات أو بدونها، الولوج المحدود أو المفتوح)، كما درجة التكافؤ بين الوسط الحضري والقروي، وعدد الطالبات اللائي يلتحقن بسلكي الماجستير والدكتوراه، ثمّ عدد الطالبات اللائي ينجحن في مسارهن الدراسي ويحصلن على دبلوم. من ناحية أخرى، لابد أيضًا من تسليط الضوء على مدى تطور وتصاعد توظيف النساء في هيئات التدريس والإذارة وكذلك مناصب المسؤولية التي يشغلنها داخل مؤسسات التعليم العالي.
– النوع الاجتماعي والبحث:
تُعتبر الدراسات الجامعية حول النوع الاجتماعي حديثة جدًا، ويتمّ تدريسها عمومًا في شُعب العلوم الاجتماعية والأنثروبولوجية غير ،ّ هذه الأخيرة غير معمّمة على كل الجامعات المغربية. وتتخذ هذه الدراسات صيغتين: هياكل البحث (المختبرات وفرق البحث) ثم تكوينات ما بعد الإجازة (سلك الماستر وسلك الدكتوراه).
لم تتأسس بنيات البحث الأولى حول النوع الاجتماعي إلا في سنوات التسعينيات، لا سيما في كليات الآداب والعلوم الإنسانية وكليات العلوم القانونية والاجتماعية. أغلب هذه البنيات مازالت تواصل العمل، بينما توقف بعضها عن الاشتغال.
فيما يخص التكوينات، ظهرت تلك الرائدة منها ما بين 2000 و 2004 -في ظل النظام القديم- في مكناس أولا (المرأة والتنمية UFR) و بعد ذلك في مراكش (النساء و الحضارة والنظام القانونيDESS)، و لم يفتح سلك الماستر إلا سنة 2006 في ظل نظام LMD في UH2C بما مجموعه 6 تكوينات موزعة على فاس والدار البيضاء والرباط وطنجة ووجدة (وفقًا لدراسة أجرتها اليونسكو مع UH2C سنة 2018).
ليس الهدف من هذه النسخة الأولى من المؤتمر هو تقديم التشخيص فقط، بل أيضًا وضْعُ الأصبع على الخلل في منظومتنا التربوية فيما يتعلق بمسألة النوع والمساواة واستخلاص التوصيات اللازمة. فيما يخص النوع الاجتماعي والمساواة ووضع التوصيات اللازمة. يشكل التعليم بشكل عام والجامعة بشكل خاص رافعة أساسية للتنمية البشرية بحيث أنّ الجامعة هي التي تُكَون نخب المجتمع وبالتالي، عليها أن تكون نموذجًا يُحتذى لهذا المجتمع.
سياق المؤتمر ودواعيه يندرج هذا اللقاء الوطني المشترك بين الجامعات في إطار برنامج للشبكة الجامعية كناريا-أفريقيا (حول الابتكار ونقل المعارف المرتبطة بسياسة المساواة: الشبكات الجامعية والمجتمع). ويتعلق الأمر ببرنامج تعاون وشراكة بين جامعات جزر الكناري وبعض الجامعات الإفريقية في مسألة سياسة المساواة. من بينها ثلاث جامعات مغربية (مولاي إسماعيل – الحسن الثاني – ابن زهر).
سوف تستضيف جامعة ابن زهر هذا المؤتمر من خلال فريق الوسيط الجامعي ابن زهر الذي ينظم بتعاون مع فريق البحث في النوع والرقمنة والحضارة (ERGNC) وكذلك مع الشركاء الإسبان المذكورين سالفا.
-يعقد المؤتمر في 22 ديسمبر 2022 في أكادير.
– يتم إرسال عناوين وملخصات المراسلات إلى عنوان البريد الإلكتروني fatemechaabi@gmail.com قبل 31 ديسمبر 2022.
– يمكن إرسال المداخلات كاملة بعد التظاهرة وسيتم نشرها بعد المؤتمر.
– لغات المؤتمر هي: العربية والإسبانية والفرنسية والإنجليزية.
عذراً التعليقات مغلقة