يبدو ان الأزمة بين فرنسا والجزائر تتجه إلى النفق المظلم بعد الحادث الإرهابي في تولوز ؟
تعيش العلاقات الجزائرية الفرنسية مرحلة خطيرة بلغ التوتر اوجه، مع تصاعد الخلافات بشأن رفض الجزائر استعادة مواطنيها المرحلين من فرنسا، وهو ما دفع باريس إلى التهديد باتخاذ إجراءات انتقامية تشمل فرض قيود على التأشيرات والمساعدات.
وجاء هذا التصعيد عقب هجوم إرهابي في مدينة مولوز (شرق فرنسا)، نفذه مهاجر جزائري سري، وأسفر عن مقتل شخص وإصابة خمسة آخرين، وقد كشفت السلطات الفرنسية أن المهاجم، الذي وصل إلى فرنسا بطريقة غير شرعية عام 2014، سبق أن أدين بالسجن بتهمة تمجيد الإرهاب، إلا أن الجزائر رفضت مرارًا استعادته رغم المطالبات الفرنسية المتكررة.
من جهته، وصف أمس رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، هذا الموقف بـ”غير المقبول”، مشيرا إلى أن فرنسا طلبت من الجزائر عشر مرات استعادة هذا الشخص، لكن الطلب كان يُقابل دائمًا بالرفض.
وفي السياق ذاته، شدد وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو، على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة تجاه الجزائر، مؤكدًا أن الوقت قد حان “لإعداد قرارات صارمة تعكس مدى تصميم فرنسا”.
وفي إطار التصعيد، أعلنت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية، صوفي بريما، أن باريس تدرس اتخاذ إجراءات انتقامية ضد الجزائر، تتضمن: فرض قيود على منح التأشيرات، وهو ما قد يؤثر على آلاف الجزائريين الذين يسافرون سنويًا إلى فرنسا. واستهداف مسؤولين وشخصيات بارزة في العلاقات الفرنسية الجزائرية بوقف منحهم تأشيرات السفر، و مراجعة سياسات التعاون والمساعدات الاقتصادية التي تقدمها فرنسا للجزائر.
وأكدت بريما خلال حديثها لقناة “RTL” الإذاعية أن “فرنسا ليست ملزمة بمنح التأشيرات بأعداد كبيرة”، مما يعكس نية باريس استخدام هذا الملف كورقة ضغط على الجزائر.
ولم يكن هذا التوتر وليد اللحظة، إذ تزايدت الخلافات بين باريس والجزائر خلال الأشهر الأخيرة بسبب: ملف الهجرة غير النظامية: حيث تتهم فرنسا الجزائر بعدم التعاون في إعادة المرحلين، بينما تعتبر الجزائر أن باريس تستغل هذا الملف سياسيًا. وتقليص التأشيرات: سبق لفرنسا أن خفضت حصص التأشيرات الممنوحة للجزائريين، مما أثار استياءً رسميًا وشعبيًا في الجزائر، والموقف التاريخي لفرنسا من ملف الصحراء المغربية.
وفي ظل هذه الأزمة المتصاعدة، يعقد المجلس الوزاري الفرنسي لمراقبة الهجرة اجتماعًا مهمًا غدا الأربعاء، حيث يتوقع أن يصبح الملف الجزائري محور النقاشات، مما قد يسفر عن إجراءات مشددة جديدة من الجانب الفرنسي.
ويرى مراقبون أن هذه الأزمة قد تؤدي إلى مزيد من الفتور الدبلوماسي بين البلدين، خاصة في ظل نهج الحكومة الفرنسية المتشدد تجاه ملف الهجرة، كما أن استخدام التأشيرات كورقة ضغط قد يزيد من توتر العلاقات، في وقت يحتاج فيه الطرفان إلى التعاون في مجالات الأمن، الاقتصاد، والطاقة.