عيد العمال في حضرة الأرقام: هل تنجح حكومة أخنوش في تحويل الحوار الاجتماعي إلى عدالة اجتماعية؟

Imou Media30 أبريل 2025
عيد العمال في حضرة الأرقام: هل تنجح حكومة أخنوش في تحويل الحوار الاجتماعي إلى عدالة اجتماعية؟

عيد العمال في حضرة الأرقام: هل تنجح حكومة أخنوش في تحويل الحوار الاجتماعي إلى عدالة اجتماعية؟

في لحظة مشحونة بالرمزية، اختارت حكومة عزيز أخنوش أن تعلن حصيلة الحوار الاجتماعي بمناسبة فاتح ماي، العيد الأممي للعمال. غير أن هذا الإعلان الذي طغت عليه لغة الأرقام والمعطيات المالية، يثير أكثر من سؤال حول مدى واقعية الالتزامات الحكومية، وجدّيتها في إرساء عدالة اجتماعية حقيقية تتجاوز منطق الترضيات الظرفية.

في البلاغ الرسمي، تُقدم الحكومة نفسها كمقاول اجتماعي ناجح، يُحسن توزيع الثمار بين الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين. ولكن هل تكفي زيادات الأجور والوعود التدريجية لتحسين الدخل لتصنيف هذا الحوار الاجتماعي ضمن خانة “الناجح”؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تمريناً تواصلياً يفتقر إلى الأثر العميق على البنية الاقتصادية والاجتماعية للشغل في المغرب؟

من الناحية الشكلية، يُحسب للحكومة إشراكها للنقابات والباطرونا والهيئات الفلاحية في جولات الحوار، وتبنيها لخطاب مأسسة الحوار، تنفيذاً للتوجيهات الملكية.

كما أن حصيلة الزيادات في الأجور في القطاعات العمومية – من التعليم إلى الصحة – والرفع من الحد الأدنى للأجور في القطاعين الفلاحي وغير الفلاحي، تبدو مُطمئنة ظاهرياً، خاصة حين تُقدّم في شكل نسب وأرقام مُضبوطة.

لكن جوهر الإشكال يكمن في غياب رؤية إصلاحية متكاملة. فالتدابير الحكومية، وإن بدت كريمة في ظاهرها، تظل رهينة المنطق التجزيئي والآني، حيث تركز على إجراءات تقنية ومالية دون طرح الأسئلة البنيوية حول هشاشة سوق الشغل، وعمق أزمة الوظيفة العمومية، واستمرار الفوارق الطبقية والمجالية، وغياب تعاقد اجتماعي قائم على الحقوق لا على الموازنات المحاسبية.

أما ملف التقاعد الذي فتح للمرة الألف “نقاشاً مسؤولاً”، فلا يزال يراوح مكانه، رهين لجان مؤقتة وتوافقات هشة، دون حسم سياسي شجاع يعيد الاعتبار للعدالة بين الأجيال ويقطع مع منطق الترحيل الزمني للأزمات.

وإذا كان البلاغ يشير إلى استعداد الحكومة لمواصلة الحوار حول الملفات الفئوية ومراجعة الأنظمة الأساسية لموظفي الجماعات الترابية وعدد من الهيئات، فإن ذلك يظل رهيناً بحجم الإرادة السياسية في تحويل الحوار الاجتماعي من “مناسبة احتفالية” إلى أداة فعلية لتغيير موازين القوى الاجتماعية.

في نهاية المطاف لا يمكن تقييم نجاح الحوار الاجتماعي فقط عبر ما تحقق من زيادات في الأجور أو مراجعة للضرائب، بل في مدى إسهامه في تحسين شروط العمل، وضمان الأمن الوظيفي، ومكافحة الهشاشة، وتحقيق إنصاف حقيقي للشغيلة، خصوصاً في القطاع الخاص والاقتصاد غير المهيكل.

فتح النقاش حول جوهر العدالة الاجتماعية، بدل الاكتفاء بتجميل سطحها، هو التحدي الحقيقي لحكومة أخنوش في قادم الجولات.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.