أعتقال شاب بأكادير بعد تهديده لرئيس الحكومة عزيز أخنوش: جدل بين حرية التعبير وحدود القانون
ن : عمر بالكوجا
في واقعة أثارت الكثير من الجدل في المغرب، أوقفت الشرطة القضائية بمدينة أكادير شاباً يبلغ من العمر 32 سنة، يُدعى “م.أ.ح”، وذلك على خلفية اتهامه بنشر تدوينات على موقع فايسبوك تتضمن تهديدات بالقتل، وقذفاً وتحريضاً على العنف، استهدفت رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش.
التدوينات التي حرّكت الشكاية، جاءت باللغتين العربية والأمازيغية، وركّز فيها المعني بالأمر على تحميل أخنوش مسؤولية الارتفاع الكبير في أسعار المواد الأساسية، وهو الغلاء الذي تفاقم منذ توليه رئاسة الحكومة أواخر سنة 2021. وقد سارعت النيابة العامة إلى إصدار أوامر بفتح تحقيق فوري، إثر توصّلها بشكاية رسمية من محامي رئيس الحكومة، ليُوضع الشاب بعدها رهن الحراسة النظرية في انتظار استكمال التحقيقات.
لكن هذا الاعتقال، ورغم استناده إلى مقتضيات القانون الجنائي، لم يمر دون ردود فعل شعبية متباينة. فعلى مواقع التواصل الاجتماعي، عبّر عدد كبير من المغاربة عن رفضهم للتهديد والعنف، لكنهم في الوقت ذاته أبدوا تفهّمهم لـ”دوافع الغضب” التي دفعت الشاب إلى نشر تلك التدوينات، واعتبروا أنه كان يعبّر عن إحباط اجتماعي واقتصادي حقيقي يعيشه شريحة واسعة من المواطنين.
ويطرح هذا الملف أسئلة عميقة حول مبدأ توازن العدالة في المغرب. إذ يتساءل البعض: هل يُحاكم المواطنون الغاضبون بسرعة، بينما تمر سياسات الحكومة التي أرهقت كاهل المواطنين دون مساءلة أو محاسبة؟ وهل التهديد اللفظي، مهما كانت خطورته، أخطر من الواقع الاقتصادي الذي يصفه كثيرون بأنه “يقتل ببطء”؟
في خضم هذا النقاش، تعالت أصوات تطالب بفتح نقاش جدي حول مسؤولية الحكومة الحالية، وعلى رأسها رئيسها عزيز أخنوش، فيما آلت إليه الأوضاع المعيشية. فبينما تتسارع الإجراءات القضائية حين يتعلق الأمر بـ”هيبة الدولة”، يرى منتقدون أن العدالة تتباطأ حين تكون مطالب الشعب على المحك.
الواقعة تفتح إذن، ليس فقط نقاشًا قانونيًا حول حرية التعبير وحدودها، بل أيضًا جدلا سياسيا حول غياب توازن في تفعيل المساءلة، وسط مغرب يعيش حالة من الاحتقان الاجتماعي المتصاعد .
