نتائج الباكالوريا بين صخب الاحتفال وصمت الأسئلة الجوهرية

Imou Media15 يونيو 2025
نتائج الباكالوريا بين صخب الاحتفال وصمت الأسئلة الجوهرية

نتائج الباكالوريا بين صخب الاحتفال وصمت الأسئلة الجوهرية

ن : عمر بالكوجا

في كل موسم دراسي، تتكرر القصة نفسها. يتعامل الإعلام المغربي مع نتائج الباكالوريا بنفس الطريقة المملة، وكأن الزمن متوقف، وكأن التلميذ المتفوق لا يملك من الكلام سوى ما قاله من سبقوه، حتى وإن تغيرت الأسماء والمناطق. ميكروفون يُمنح بسرعة، وعبارات محفوظة تُعاد بلا روح: “شكرا للأسرة، شكرا للأساتذة، نطمح للأفضل”، ثم تنتهي الفقرة.

أليس من حقنا أن نتساءل: أين الجديد؟ أين الإبداع؟ أين القصص التي تستحق أن تُروى؟

الإعلام، كما يُفترض، ليس مجرد إعادة لما حدث، بل هو زاوية معالجة، تفكيك، كشف للخفايا، سرد للتفاصيل، وفتح للنقاش. هؤلاء المتفوقون، وهم قلة في بحر من الإخفاقات والتحديات، يحملون على أكتافهم قصصا شخصية تستحق أن تُروى: عن التحدي، عن الحرمان، عن كسر التوقعات، عن النجاح رغم أعطاب نظام تعليمي يعترف مسؤولوه بأنه منهك.

لكن الإعلام، في غالبه، لا يبحث عن القصص، بل عن اللقطة السريعة، والصوت المألوف، والتقرير الذي يُنتج بنصف جهد لملء فراغ نشرة.

يشبه هذا التعامل تلك اللحظة الإذاعية القديمة التي تبدأ بعبارة مألوفة: “عند الإشارة، تكون الساعة…”، ثم لا شيء. فراغ بعد انتظار. شعور بأن شيئا ما كان يجب أن يُقال، ولم يُقال.

ويتكرر الأمر في شتاءات إفران، حيث يهرع المراسلون إلى الثلج، يصورون الزوار وهم يرددون العبارات نفسها: “جينا نشوفو الثلج، الجو زوين”، بينما خلف الكاميرا قرى منسية، وسكان يقاومون البرد القارس دون وسائل تدفئة، في صمت لا يثير اهتمام القنوات.

الإعلام المغربي لا يحتاج فقط إلى كاميرات جديدة أو ديكورات أنيقة، بل إلى وعي مهني حقيقي، إلى فضول لا يرضى بما هو جاهز، إلى صحفيين يبحثون عن المعنى لا عن الاستعراض.

في موضوع الباكالوريا، كما في غيره، لا يكفي أن نحتفل بالأوائل. من حقنا أن نعرف عن آلاف التلاميذ الذين غادروا الموسم بخيبة أمل. عن المدرسة، عن المسؤولية، عن المآلات.

وإن لم نطرح هذه الأسئلة، سنبقى ننتج إعلاما يصفق وقت الفرح، ويغيب وقت التأمل والمحاسبة.

إعلامنا، للأسف، لا يحضر العرس كما ينبغي، بل بالكاد يرسل شخصا ليلتقط صورة… بلا صوت، بلا دهشة، بلا أثر.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.