موهبة فنية مغمورة متجذرة من أصول امازيغية بالجنوب الشرقي للمملكة

Imou Media16 أكتوبر 2022
موهبة فنية مغمورة متجذرة من أصول امازيغية بالجنوب الشرقي للمملكة

عبد الواحد أيت عمرو: فنان جذوره من تنغير بالجنوب الشرقي، وموهبته

حرصا منها على ربط جسور التواصل بين جمهورها، ومواهب فنية صاعدة، إختارت جريدة إيمو ميديا 24، أن تلتقي إحدى هذه المواهب، فنانٌ ذو موهبة صقلتها تجارب واحتكاكات بكبار الفنانين في سوس، فنان صنع وصاغ تجربته الفنية كما صنع أول آلة “لوطار” بدائية ليعزف ألحان كبار الفنانين، ممن أثروا في ذائقته الفنية.

في لقاء صحفي، فتح الفنان عبد الواحد أيت عمرو قلبه لنا، كما فتحه لأمل في غد أجمل لفنه وكل الفنانين من جيله، تحدث إلينا بقلب فنان، وكرم إنسان، حكى عن تلك المسيرة الفنية، وتلك التجربة، بكل ثقة، بما لها وما عليها. فنان إختار الإستمرار في العطاء، رغم هفوات البداية، وتحديات المواصلة.

في غضون ذلك الحديث والدردشة الودية بيننا وبين الفنان أيت عمرو، إرتأينا أن نتقمص دور الجمهور المتسائل، فطرحنا أسئلة، أردنا من ورائها أن نحصل على إجابات تقرب الفنان أيت عمرو إلى جمهور وعشاق الفن السوسي، فكانت البداية بأن حدثنا الفنان الموهوب عن نشأته وبداياته مع الفن، قبل أن يقف معنا على واقع تجربته اليوم.

البدايات والخطوات الأولى نحو الإنطلاق

 تحدثنا إلى عبد الواحد أيت عمرو الإنسان، ووصلنا فيه إلى عمق فنان يجمع بين لهجات وثقافات، هو أكاديري النشأة، لكن جذوره من الجنوب الشرقي، في تينغير ولد سنة 1985، وبعد أن بلغ العاشرة من عمره، إنتقل إلى أكادير برفقة أسرته للعيش فيها.في عاصمة سوس كانت النشأة، هكذا يمكننا القول: إن فناننا سوسي وأكاديري بجذور جنوبية-شرقية.

كطفل صغير، وبعد أن اكتشف في نفسه موهبة فنية، ورغبة في الغناء والعزف، اتجه إلى صناعة آلة بدائية ليعزف عليها، “لوطار”..استمعله الطفل عبد الواحد، في البداية ليعزف ما تجود به عليه قريحته، أو ما يسمعه من ألحان. هذا ما كان في الطفولة الأولى، لكن، التحول والولوج إلى المجال الفني بشكل أكثر جدية حدث في سنة 2002، حينها، بدأ الفتى أيت عمرو في الغناء والعزف في ظل مجموعات فنية، وحينها دخل الفن من باب عزف آلتي الأورج ولوطار، بعدها بسنة، أختير ليحيي ليالي فنية من خلال عزف الأورج حينا، والغناء أحيانا أخرى، في مطعم جوهرة، النقطة التي يعتبرها أيت عمرو بداية انطلاقته الحقيقية نحو الفن.

وكأي فنان صاعد، يسعى إلى النضج فنيا، من الأكيد أن أيت عمرو وضع في بداياته نصب عينه فنانا في الساحة، استلهم تجربته، ونحى على تجربته، يتخذه قدوة. فناننا الصاعد، وباعتباره مستمعا جيدا للموسيقى السوسية بكل مشاربها وألوانها، رأى في النمط الفني للفنان السوسي حميد إنرزاف تجربة يسير على منوالها. استلهم ايت عمرو من تناسق اللحن والكلمات والأداء لدى حميد إنرزاف، جمالية الغناء والإبداع في كل عناصر الأغنية.

عباءة الإقتداء بالفنان حميد إنرزاف التي دخلها الفنان أيت عمرو مختارا، إختار أن لا يخرج منها إلا بمسيرة فنية ناضجة، هو قال: “لا يمكنني أن أتحدث عن نضج تجربتي، أنا لازلت غير راض عن تجربتي الفنية، ويوم أرى الناس وجمهوري الكريم، أو أرى فنانين صاعدين يتحدثون عن نمط أيت عمرو، عن خصائص ومميزات فن أيت عمرو.. حينها سأقول نعم أنا راض عن فني ومسيرتي، لكن، إلى ذلك الحين إن شاء الله”.

بعد تلك الانطلاقة من مطعم جوهرة، عمل الفنان عبد الواحد أيت عمرو بشكل شبه يومي على الغناء في ملاهي ليلية وقاعات وحفلات أعراس. هي مرحلة كانت ضرورية للفنان ليصقل مهاراته في العزف والغناء، وليكون على احتكاك دائم بالفنانين الكبار، شارك بمعية بعضهم عازف فرقة في مهرجانات ومناسبات.

في تلك الأماكن، عرفه جمهوره عن قرب، ظهرت قدراته وموهبته، في العزف والغناء، وإلى جانب حنجرة ذهبية تغني ما يطلبه المستمع من ألوان الغناء المحلي والوطني، موهبة تمزج بين عزف ألحان موسيقى الأطلس وغناء سوس.

 التوقف والعودة من باب اليوتيوب

إلى حدود سنة 2011، لم يكن الفنان أيت عمرو يعرف جو الراحة والإستراحة من فنه، كان الفن يشغله في رحله وترحاله، وهبه كل وقته، إلى حد أنه كان يزاول الغناء والعزف بشكل شبه يومي، لكنه، اختار فجأة، الابتعاد، والخروج من الساحة بمحض إرادته، توقف لم يرد الفنان الحديث عنه بإسهاب، لكنه عزاه إلى ما أسماه الحاجة إلى الراحة.

إختار أيت عمرو أن يزاول مهنة سائق سيارة أجرة في مدينة أكادير، وكان يتحين الفرصة كل مرة للعودة إلى الفن، وطوال مدة التوقف، كان هاجسه الوحيد هو العودة وبقوة هذه المرة،  والعودة تعني ترك البصمة في الساحة الفنية. هو كان يعلم أن طريق الفنان السوسي والمغربي عموما غير مفروش بالورود، الداخل فيه كالذاهب إلى الحرب. لم يحظ فناننا بالتحفيز إلا من القلة القليلة ليعود إلى الفن ليواصل مسيرته.

بعد استراحة لثمان سنوات جمع الفنان أيت عمرو شتاته، واختار ان يخوض غمار تجربة أكثر جرأة وأشد وطأة هذه المرة، لقد اختار ان يصل إلى جمهوره من خلال وسائل التواصل الإجتماعي. ظروف جائحة كورونا أخرت تلك الإنطلاقة الثانية لفناننا، لكن، مجهودات الفنان الفردية أثمرت إلى الان إحدى عشرة أغنية منشورة على اليوتيوب.

الرسالة الفنية للفنان أيت عمرو
 
 طوال مسيرته بمرحلتيها الأولى والثانية، ظل أيت عمرو وفيا لتقاليده، فهو يؤمن بالتعاون الفني في العمل الغنائي، على أنه دائم الإحتفاظ بحق التلحين لنفسه، هو عازف لوطار جيد، لكنه كاتب كلمات وشاعر غنائي مبدع أيضا، شمولية موهبته لم تمنعه أبدا من الإستفادة من غيره.

تعاون مع الشاعر الحسين الحر مؤخرا في أغاني عديدة. أغنيتا “نانيي داغ” و “سامحيي أوينو” التي استطاع فيهما الفنان أيت عمرو الوصول إلى ذروة الإبداع في اللحن والكلمة، في إطار وجداني عاطفي.

يؤمن الفنان أيت عمرو أن الفن تجربة ذاتية قبل كل شيء، وهو في أغانيه المنشورة، كثيرا ما ركز في رسالته الفنية عن تجربته الشخصية، حياته وسيرته وأحلامه وتطلعاته، كما أنه لم يغفل أبدا عن الجانب العاطفي في تلك التجربة. غنى من أجل الجذور الأمازيغية أغنية “أمازيغ أدكيغ”، بلمسة فنية فريدة، استذكر فيها بقلبه، تعلقه بالجد الأول، والعائلة ومكان مسقط رأسه.

إستعمل موهبته في الغناء والتلحين، ليجمع إبداع لوطار وكلمات تاشلحيت، نسق جديد من الفن الأمازيغي، ومزيج من نمطين يشكلان عمق الهوية الفنية لأمازيغ المغرب، أيت عمرو اختار هذا المزج ليقول أن جذوره تمتد على كل الفضاء الأمازيغي بكل أطيافه.

 

 

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.