بوانو يفجر جدل “دواء درهمين ونصف يُباع بخمسين”.. البرلمان يفتح ملف هوامش الربح ولوبيات الاستيراد
فجّر النائب البرلماني عبد الله بوانو موجة جديدة من الجدل داخل قبة البرلمان، بعدما كشف، خلال مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026، عن ما وصفه بـ“الاختلال الفاضح” في هوامش أرباح شركات استيراد الأدوية.
بوانو قدّم مثالًا صارخًا لدواء يُستورد من الهند بحوالي درهمين ونصف فقط، بينما يُباع في الصيدليات المغربية بما لا يقل عن خمسين درهمًا، وهو ما اعتبره “دليلًا واضحًا على غياب الشفافية في منظومة التسعير وتغوّل لوبيات تتحكم في السوق الدوائية”.
وخلال الجلسة المخصصة لمناقشة المادة الرابعة من مشروع القانون المالي، التي تتعلق بإجراءات جمركية جديدة حول استيراد الأدوية، اشتعل النقاش بين الحكومة وأعضاء اللجنة البرلمانية، وسط اتهامات متبادلة بين الطرفين بشأن من يخدم فعليًا مصالح المرضى ومن يحمي مصالح المستثمرين.
وأوضح بوانو أن بعض الشركات العاملة في مجال التصنيع المحلي تمارس أيضًا نشاط الاستيراد، ما يجعلها في موقع احتكار فعلي للسوق، مؤكدًا أن “الربح الحقيقي اليوم ليس في التصنيع بل في الاستيراد”. هذا التداخل، حسب قوله، خلق ميزان قوى مختلًّا يجعل المستهلك الحلقة الأضعف، في حين يجد الصيادلة والمصنعون أنفسهم أمام معادلة اقتصادية غير عادلة.
وانتقد القيادي البرلماني ما وصفه بـ“تضارب المصالح داخل الجهاز التنفيذي”، ملمحًا إلى أن بعض أعضاء الحكومة يستثمرون في القطاع نفسه، ما قد يؤثر على نزاهة القرارات المتعلقة بالتسعير والإعفاءات الجمركية.
في المقابل، شدد ممثلون عن الحكومة على أن الهدف من التعديلات المقترحة هو تحسين تنافسية السوق وضمان جودة الأدوية، مؤكدين أن أي مراجعة للأسعار يجب أن تراعي التوازن بين جودة العلاج وكلفته على المستهلك والدولة.
ومع تصاعد الجدل، دعت أصوات داخل البرلمان إلى إحداث لجنة تقصي الحقائق حول بنية سوق الدواء والجهات المستفيدة من منظومة الدعم والامتيازات الجمركية، معتبرة أن “الوقت قد حان لفتح ملف الشفافية في قطاع حساس يمس صحة المغاربة مباشرة”.
ومن المرتقب أن تواصل لجنة المالية مناقشة المادة الرابعة خلال الأيام المقبلة، في أجواء مشحونة تُنذر بمعركة سياسية واقتصادية حول من يتحكم فعليًا في سوق الدواء المغربي، وسط مطالب متزايدة بضرورة إعادة النظر في نظام التسعير وتوزيع الأرباح لضمان عدالة أكبر بين المصنع والمستهلك.
