تعديل قانون الدراجات النارية… إصلاح مشوه يضرب المواطن البسيط
ن عمر بالكوجا أكادير
تعيش أسواق الدراجات النارية في المغرب فوضى صامتة، ضحيتها الأولى هو المواطن البسيط الذي يشتري دراجة نارية من محل معتمد، يدفع ثمنها، يسدد واجبات التسجيل والتأمين، ليجد نفسه بعد أيام أو شهور أمام مفاجأة صادمة: الدراجة التي يسير بها يوميًا إلى عمله أو جامعته أو رزقه “غير مطابقة للقانون”، وبالتالي معرضة للحجز والمساءلة القانونية.
المفارقة الصارخة تكمن في المسار الرسمي نفسه. هذه الدراجات تدخل عبر الموانئ والجمارك، تُؤدى عنها الرسوم الجمركية بشكل قانوني، تُعرض في محلات مرخصة، وتُباع مثل أي سلعة أخرى. وبعد ذلك مباشرة يخرج القانون ليعلن أنها غير مطابقة للمواصفات! كيف يعقل أن تُفتح لها الأبواب عند الحدود وتُفرض عليها الضرائب، ثم تُغلق في وجهها الطرقات وتُحجز أمام أعين أصحابها؟
والأغرب أن أغلب هذه الدراجات يتم تأمينها بشكل رسمي من طرف شركات التأمين، بعقود موثقة وأقساط تُدفع بانتظام. السؤال المحرج هنا: إذا كانت هذه الدراجات غير قانونية، فلماذا تُقبل شركات التأمين على ضمانها؟ وإذا كان القانون واضحًا، فلماذا تُباع أمام أعين الجميع، وتصبح أداة ضغط على المواطن الذي لا يعرف كيف يحمي نفسه؟
من بين الأسباب التي يذكرها خبراء النقل والمرور: قلة المعايير التقنية الدقيقة، وغياب رقابة فعّالة على الاستيراد، بالإضافة إلى تعدد اللوائح المتناقضة التي تخلق حالة من الفوضى القانونية. المواطن وحده من يدفع الثمن، بينما تُستفيد شبكات التهريب والسماسرة من الريع المرتبط بالصفقات غير المضبوطة.
الحل بحسب المختصين يكمن في إصلاح شامل ودقيق للقانون، بحيث يشمل فرض معايير تقنية صارمة على أي دراجة تدخل المغرب، تعزيز المراقبة الجمركية والفنية، والتنسيق بين وزارة النقل والجمارك وشركات التأمين لضمان حماية المواطن البسيط من ضياع ماله وحياته على حد سواء.
حتى ذلك الحين، يظل المواطن أمام مأزق يومي، بين حاجته لمصدر تنقل معقول وواقع القوانين والفوضى في الأسواق، ما يجعل تعديل القانون الحالي يبدو إصلاحًا مشوّهًا، يضرب الفقراء ويغلق أمامهم الطرق بدل حماية حقوقهم.
