أكادير.. إدانة أستاذ جامعي في قضية “سرقة علمية” تهز أوساط التعليم العالي
أصدرت المحكمة الابتدائية بأكادير يوم الثلاثاء 10 يونيو 2025، حكمًا في واحدة من القضايا النادرة والمثيرة في الوسط الأكاديمي، تتعلق بـ”السرقة العلمية”، أدين فيها أستاذ للتعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة ابن زهر، على خلفية شكاية تقدم بها أستاذ جامعي سابق بكلية الحقوق التابعة لجامعة القاضي عياض.
ووفق منطوق الحكم، فقد قضت المحكمة بإدانة الأستاذ المتهم في الدعوى العمومية، بتغريمه 10.000 درهم نافذة مع تحميله الصائر والإجبار في الأدنى، فيما قضت في الدعوى المدنية التابعة بالحكم عليه بأداء تعويض مدني قدره 25.000 درهم لفائدة المطالب بالحق المدني.
لم يقف الحكم عند الغرامة والتعويض، بل أمرت المحكمة كذلك بـإزالة الجزء موضوع السرقة الفكرية من الكتاب الذي ألفه المتهم، ومن جميع مواقع التواصل الاجتماعي، ومن حسابه بمحرك البحث “Google”، مع تبليغ الحكم إلى جامعة ابن زهر، المدخلة في الدعوى، وتحميل المتهم باقي الصوائر.
تفجّرت القضية بعد شكاية رسمية تقدم بها أستاذ جامعي سابق، يتهم فيها زميله – الذي سبق أن تتلمذ على يديه – بـ”الاستيلاء الكامل تقريبًا على مؤلف أكاديمي كان قد نشره سنة 2001″، وادعائه لنفسه دون وجه حق.
وتفيد الشكاية، التي وُضعت لدى وكيل الملك بابتدائية أكادير بتاريخ 29 يوليوز 2024، أن الأستاذ المشتكى به قام بـ”نسخ ولصق” ثلاثة فصول كاملة من المؤلف الأصلي، تغطي حوالي 228 صفحة من أصل 230، مع إدخال تغييرات طفيفة لا تتجاوز عشر صفحات وبعض التحديثات الشكلية، لتمويه الفعل وإضفاء طابع تجديدي زائف على العمل.
كما أكدت الشكاية أن المتهم عمد إلى تدريس الكتاب لطلبته خلال الموسم الجامعي 2019-2020، وقام بنشره ضمن قائمة مؤلفاته على موقعه الإلكتروني الرسمي.
أثارت هذه القضية صدمة في أوساط التعليم العالي، بالنظر إلى أن المتهم أستاذ جامعي يُفترض فيه أن يكون قدوة أخلاقية وعلمية، يحرص على نقل المعرفة بقيم النزاهة والشفافية. ووصفت الشكاية الفعل بأنه “احتيال علمي مقترف بإرادة وسابق إصرار”، يعكس ضعفًا أخلاقيًا وانعدامًا للمروءة الأكاديمية.
وفي تعليق لأحد أساتذة القانون الدستوري (فضّل عدم ذكر اسمه)، أكد أن “السرقة العلمية تشكل واحدة من أخطر الظواهر التي تهدد مصداقية البحث العلمي في الجامعات المغربية”، مطالبًا بـ”آليات أكثر صرامة للرقابة والتتبع، خاصة في ظل تصاعد عدد حالات الانتحال الفكري دون مساءلة واضحة”.
قضية السرقة العلمية الأخيرة تضاف إلى سلسلة قضايا وفضائح عرفتها جامعة ابن زهر مؤخرًا، ما يُفاقم المخاوف حول صورة التعليم العالي بالمغرب، ويُسلط الضوء على الحاجة إلى إصلاحات جذرية في منظومة القيم الجامعية وآليات التأطير والمحاسبة.
من المرتقب أن تُحال القضية إلى مرحلة الاستئناف، وسط ترقب واسع داخل أروقة كلية الحقوق بأكادير، حيث ينتظر عدد من الأساتذة والطلبة ما ستؤول إليه مخرجات هذا الملف الذي قد يُحدث سابقة قضائية في التعامل مع جرائم السرقة العلمية داخل الجامعة المغربية.