مشاريع “الكان” و”المونديال” تُنعش قطاع البناء والأشغال العمومية وتُحفز النمو الاقتصادي بالمغرب
شهد قطاع البناء والأشغال العمومية في المغرب انتعاشًا ملحوظًا خلال الربع الأول من سنة 2025، مدفوعًا بوتيرة الإنجاز المتسارعة للمشاريع الكبرى المرتبطة بالتحضير لاستضافة كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030، وهي الدينامية التي انعكست بشكل مباشر على أداء العديد من الشركات المدرجة في بورصة الدار البيضاء.
وبحسب تقرير صادر عن وحدة الأبحاث BKGR، فقد حققت أنشطة الشركات الصناعية المغربية نموًا في رقم معاملاتها بلغ 5,7% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة، وهو مؤشر يُعزز الثقة في دينامية الاقتصاد الوطني في ظل التحديات العالمية الراهنة.
استثمارات ضخمة… ومشاريع استراتيجية
وتُعد الاستعدادات لتنظيم هذين الحدثين الرياضيين العالميين من بين المحفزات الرئيسية لهذا النمو، إذ تُرصد استثمارات ضخمة لتأهيل البنيات التحتية، سواء ما يتعلق بالملاعب الرياضية أو شبكات النقل والمرافق السياحية والخدماتية. وتشمل هذه المشاريع:
توسعة وتحديث الملاعب الكبرى في الدار البيضاء، الرباط، طنجة، مراكش، وأكادير.
بناء مدينة رياضية جديدة قرب بنسليمان.
تعزيز شبكة الطرق السيارة والسكك الحديدية لربط المدن المستضيفة بشكل فعّال.
تطوير مشاريع فندقية وخدماتية لتوفير عروض سياحية متكاملة.
وقد أكدت وحدة BKGR أن هذه المشاريع خلقت فرصًا كبيرة لشركات البناء والأشغال العمومية، التي أصبحت المستفيد الأول من الطلبيات العمومية الكبرى خلال الفترة الأخيرة، ما مكنها من رفع وتيرة الإنتاج وتحقيق أداء إيجابي في السوق المالية.
بورصة الدار البيضاء تستفيد
في هذا السياق، استفادت بورصة الدار البيضاء من الزخم الاقتصادي الناتج عن هذه المشاريع، حيث سجلت معظم الشركات المنتمية إلى قطاع البناء والأشغال ارتفاعًا في قيمتها السوقية وأرباحها الفصلية. ويأتي ذلك في وقت يعرف فيه الاقتصاد المغربي انتعاشًا تدريجيًا بعد فترة من التباطؤ بسبب تداعيات الأزمة العالمية وارتفاع تكاليف المواد الأولية.
ويُرجع المحللون هذا الأداء الجيد إلى عاملين رئيسيين:
1. وضوح الرؤية الاستثمارية الحكومية، والتي جعلت من تنظيم “الكان” و”المونديال” فرصة لإطلاق ورش تنموي شامل.
2. الثقة المتزايدة لدى المستثمرين في قدرة المملكة على تنفيذ المشاريع في الآجال المحددة وبالمعايير الدولية.
في المقابل، لم يواكب قطاع العقار هذا الزخم، حيث أظهر تباطؤًا في أدائه خلال الفترة نفسها. ويُعزى ذلك، حسب نفس المصدر، إلى تغيير المنهجية المحاسبية المعتمدة هذا العام، والتي أثرت على آليات تسجيل الإيرادات، مما أدى إلى نتائج أقل مما كان متوقعًا، رغم استقرار نسبي في الطلب داخل بعض الفئات السكنية، خصوصًا السكن الاقتصادي والمتوسط.
ويُتوقع أن يستعيد القطاع العقاري توازنه تدريجيًا خلال الفصول القادمة، مع وضوح الرؤية بخصوص المنهجية الجديدة وتكيف الفاعلين معها، إضافة إلى تأثير غير مباشر للمشاريع الكبرى على رفع الطلب في محيط المدن المحتضنة للمباريات.
كما يرى عدد من الخبراء أن هذه الدينامية الاستثمارية ستُشكل فرصة تاريخية للمغرب لإعادة هيكلة بنياته التحتية وتعزيز جاذبيته الاقتصادية والسياحية. كما ستمكن هذه المشاريع من:
خلق آلاف مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة.
دعم سلاسل الإنتاج المحلية.
تحفيز الابتكار ونقل الخبرات التقنية في ميادين التشييد والتخطيط الحضري.
فعلا إن الاستعداد لتنظيم كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، لا يُعد فقط رهانًا رياضيًا، بل هو رافعة تنموية شاملة تعكس قدرة المغرب على استثمار التظاهرات الكبرى لخدمة اقتصاده ومجتمعه. ويبدو أن قطاع البناء والأشغال العمومية سيكون أول المستفيدين من هذه الدينامية، في انتظار أن تُثمر هذه المشاريع نتائج إيجابية أوسع على باقي القطاعات خلال الأشهر والسنوات القادمة .