فضيحة أخلاقية تهز قطاع الإعلام: المرصد المغربي لحقوق الإنسان يطالب بتحقيق مستقل بعد تسريبات صادمة تهين الصحافة وهيئة الدفاع
أكادير – 22 نونبر 2025
تفجّرت في الأيام الأخيرة موجة غضب واسعة داخل الأوساط الحقوقية والإعلامية بعد تداول تسجيلات منسوبة لاجتماعات داخل لجنة أخلاقيات المهنة التابعة للجهاز التنظيمي للصحافة، تتضمن عبارات جارحة وتوصيفات مهينة وادعاءات تقلل من شأن المحامين والصحافيين على حد سواء. هذه التسريبات، التي خلّفت صدمة حقيقية لدى الرأي العام، دفعت المرصد المغربي لحقوق الإنسان إلى إصدار موقف شديد اللهجة، دعا فيه إلى فتح تحقيق مستقل وعاجل لكشف ملابسات ما جرى وتحديد المسؤوليات.
انحراف خطير داخل جهاز يُفترض أنه يحمي الأخلاق المهنية
وبحسب المعطيات التي اطلع عليها المرصد، فقد حملت التسجيلات لغة عدائية، وممارسات وصفت بأنها “مسيئة للكرامة المهنية” و“خارجة عن الضوابط التي يفترض أن تحكم مؤسسة مهمتها الأصلية حماية النزاهة الأخلاقية وليس المساس بها”.
ورأى المرصد أن ما جرى يمثل تدهوراً خطيراً في صورة التنظيم الذاتي للمهنة، وتحولاً من فضاء يحتكم إلى القيم والمبادئ إلى فضاء “تستعمل فيه السلطة التنظيمية بشكل تعسفي لتصفية حسابات أو لتقزيم مكانة فئات مهنية محترمة”.

كما اعتبر أن الإساءة لمقام المحامي أو الصحافي ليست مجرد تجاوز لفظي، بل “اعتداء على بنية رمزية كاملة تشكل أساس الثقة بين المجتمع ومؤسساته”.
القضاء المغربي خارج دائرة الاتهام
وفي خضم الجدل، سعى المرصد إلى وضع حد لمحاولات الزج بالمؤسسة القضائية في هذا النقاش، مؤكداً أن القضاء المغربي “أكبر من كل التأويلات السطحية ولا يمكن بأي شكل ربطه بهذه الانزلاقات”.
وأضاف أن محاولات استغلال اسم القضاء لإضفاء شرعية على ما ورد في التسجيلات هو “خيانة أخلاقية” لما تمثله مؤسسة القضاء من هيبة واستقلالية دستورية.
صرخة حقوقية لحماية الصحافة والدفاع من الانحدار المهني
وشدد المرصد في بيانه على أن ما حدث يشكل ضربة لجوهر حرية التعبير، وتراجعاً عن المكتسبات المهنية التي تحققت بفضل نضالات طويلة من أجل استقلال الصحافة ونبل مهنة المحاماة.
كما اعتبر أن الدفاع عن الصحافي حميد المهدوي وعن هيئة المحامين ليس دفاعاً عن أشخاص، بل دفاع عن “حق المغاربة في مؤسسات نظيفة وشفافة لا تقبل السقوط في مستنقع التنمر المؤسساتي”.
مطالب واضحة: تحقيق شفاف وإعادة بناء فلسفة الأخلاقيات
وطالب المرصد بالخطوات التالية:
1. فتح تحقيق نزيه ومستقل يحدد بدقة الأطراف المسؤولة عن هذه السلوكات.
2. إعادة الاعتبار لكل من تعرض للإهانة أو التشهير من خلال الإجراءات القانونية المناسبة.
3. إعادة هيكلة لجان الأخلاقيات وفق فلسفة جديدة أساسها الشفافية وعدم إساءة استعمال السلطة التنظيمية.
4. ضمان عدم تكرار مثل هذه الانحرافات التي تسيء لصورة الدولة المغربية ولمسار إصلاح الإعلام.
مغرب المؤسسات لا مغرب الإهانة
وختم المرصد بيانه بالتأكيد على أن هذه الواقعة ليست مجرد حادث عابر، بل “جرس إنذار” يكشف اختلالات خطيرة تحتاج معالجة جذرية.
كما دعا إلى الالتزام بمبدأ بسيط لكنه أساسي في أي مؤسسة عمومية:
السلطة مسؤولية، والكلمة داخل المؤسسات ليست ملكاً شخصياً، بل واجب أخلاقي ينبغي صونه.


































