تيزنيت المختنقة مدينة معلّقة بين انتظارٍ طويل ومقبرة لمشاريع التنمية

Imou Media11 نوفمبر 2025
تيزنيت المختنقة مدينة معلّقة بين انتظارٍ طويل ومقبرة لمشاريع التنمية

تيزنيت المختنقة مدينة معلّقة بين انتظارٍ طويل ومقبرة لمشاريع التنمية

في الوقت الذي تراهن فيه المدن المغربية على جلب الاستثمارات وبناء نماذج تنموية حقيقية، تبدو تيزنيت وكأنها خارج الإيقاع، مدينة تعيش حالة شبه شلل تدبيري جعلت حاضرها باهتا ومستقبلها غامضا. فالمجلس الجماعي الحالي لم يستطع، إلى حدود اليوم، تجاوز لغة الشعارات والترويج الخطابي إلى فعل ملموس ينعكس على الحياة اليومية لساكنة المنطقة.

وحدها الكلمات هي التي تتغير في المحاضر والبيانات الرسمية؛ “تنمية”، “تأهيل”، “مشاريع مهيكلة”، لكن الواقع يروي حكاية أخرى. فالشباب العاطل يزداد إحباطا، والأنشطة الاقتصادية تتراجع، والمجال الحضري يفقد تدريجيا ملامح الحيوية التي كان يتميز بها.

أحد أبرز شواهد هذا التراجع يتجسد في وضعية المحطة الطرقية التي تحولت، بدل أن تكون مركزا للحركة التجارية والبشرية، إلى فضاء مهجور يُستعمل في أنشطة عرضية لا تضيف أي قيمة اقتصادية أو اجتماعية. هذا المرفق الذي كان يمكن أن يشكل نقطة التقاء حيوية بين تيزنيت ومحيطها الجهوي، أصبح رمزا للتعثّر وسوء التقدير.

وفي الاتجاه نفسه، يبرز مشروع “قرية المعرفة” الذي بات أشبه بظل بلا جسد، يذكر في كل مناسبة رسمية باعتباره “مشروعا استراتيجيا”، بينما لا أثر له ميدانيا. إنه مثال واضح لسياسة الوعود المؤجلة، حيث يُستثمر الأمل كورقة انتخابية، ويُسوق المستقبل كبديل عن الحاضر، دون أي ضمانات تنفيذ.

وإذا كانت الثقافة جزءا مهما من هوية المدينة، فإن المهرجانات والمواسم السنوية التي تُغدق عليها الأموال العمومية لم تعد سوى واجهة بروتوكولية، تُستعمل لتبديد الميزانيات وتغذية شبكات المصالح. لأن التنمية الحقيقية لا تبنى بالرقص والصور، بل ببناء اقتصاد محلي قوي قادر على خلق فرص الشغل.

الأدهى من ذلك، أن هناك من يعتبر أي مبادرة اقتصادية جادة تهديدا لتوازنات انتخابية قائمة، فيُعرقل الاستثمار بدل تشجيعه، ويُحاصر أصحاب المبادرات بدل دعمهم، وكأن نجاح المدينة خطر يجب تجنبه.

ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، يبدأ السيناريو المعروف: تبليط مستعجل هنا، صيانة ظرفية هناك، ووعود جديدة تُعاد صياغتها بعبارات مختلفة… لكن الوعي اليوم في تيزنيت لم يعد كما كان. فالناس باتوا يميزون بين الإنجاز الحقيقي وبين التجميل الإعلامي، بين العمل الفعلي وبين المسرح السياسي.

تيزنيت ليست رقعة لتجارب حزبية ولا منصة للتسويق الانتخابي. إنها مدينة بتاريخ وثقافة وذاكرة، مدينة تستحق مخططات جريئة، قيادات محلية ذات رؤية، ونخب تؤمن بأن التنمية ليست شعارا، بل مسؤولية والتزام.

لقد حان الوقت للانتقال من التبرير إلى الفعل، ومن الوعد إلى المحاسبة، ومن الصمت إلى سؤال جوهري:

من يملك حق تعطيل مستقبل مدينة بأكملها؟

ن عمر بالكوجا أكادير

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.