تونس تختار معاداة المغرب من أجل إفشال قمة “تيكاد”
لم يكن أكثر المتشائمين سواء من أصدقاء تونس أو خصومها أن يتوقع تلك النهاية المؤسفة التي أنهى بها رئيسها قيس سعيد مؤتمراً يُفترض فيه أن يكون واجهة للجمهورية الجديدة التي نادى بها، تونس التي ما فتئت تخرج من أزمة لتدخل في أخرى في أمسّ الحاجة إلى القريب والبعيد من أجل بناء مستقبل إقتصادي وسياسي مستقر. قمة “تيكاد” كانت من الطبيعي أن تشكل لبنة في هذا البناء، وقاطرة الأمل لتونس، لكن الرئيس قيس سعيد اختار أن تكون إحدى أولويات المؤتمر استقبال زعيم الإنفصاليين (البوليزاريو) في انحراف واضح عن مبادئ الدبلوماسية ومقتضيات أعمال القمة.
تصرف لقي ردة فعل سلبية من قبل الكثيرين، سواء داخل المؤتمر او خارجه، خصوصا وأنه تسبب في غياب المملكة المغربية، البلد الوازن، في إفريقيا عن الحضور. المملكة عبرت عن استنكارها للتصرف العدواني للحكومة التونسية، المؤسسات المغربية والرأي العام يعتبر القضية الترابية للمملكة معيارا للصداقة و العداوة، لهذا عبر المغاربة بكل غضب و استهجان للتصرف اللا مسؤول من قبل قيس سعيد. بلدان مشاركة في المؤتمر وعرفانا بوزن المغرب ويده البيضاء على إفريقيا دولا وشعوبا تأسفت لعدم تواجد المملكة في القمة، تلك البلدان التي لا يجمع المغرب معها ما يجمعه مع تونس من حضارة وتاريخ وحلم مشترك في بناء صرح مغرب كبير متطور ومزدهر.
اليابان في إشارة لها بالنفي أن تكون قد علمت أو أكدت على دعوة زعيم الجمهورية الوهمية إلى القمة أثناء التحضير، ليتأكد الأمر أن استقبال زعيم ميليشيا البوليزاريو من ارتجالات الحكومة التونسية، ما يثير التساؤلات عند الكثيرين داخل تونس وخارجها، عن سبب هذا التصرف، إعلاميون، محللون سياسيون ونشطاء في الشأن الحزبي والنقابي يكادون يجمعون على أن تونس بهذا التصرف تقف على الجانب الخطأ من التاريخ، في التضحية بشريك إقليمي كالمغرب، قدم الكثير لتونس من أجل أجندات غير منطقية ولا مسؤولة.
السنغال كانت من أوائل من استنكر التصرف، ماكي سأل رئيس السنغال والذي يترأس الاتحاد الافريقي وصف غياب المملكة عن القمة بالخسارة الكبيرة، فيما لم يكتف رئيس غينيا بيساو بمجرد التنديد والاستهجان بل اختار الانسحاب من فعاليات مؤتمر تيكاد تضامنا مع المغرب وتنديدا بالخرق الواضح لمقتضيات المواثيق الدولية و الدبلوماسية، دول إفريقية كثيرة عبرت عن تأسفها لغياب المغرب عن القمة، لكن مسلسل فشل “تيكاد تونس” لا ينتهي عند هذا الانقسام والتوتر، بل تعداه الى ما صار فشلا تنظيميا، مظاهر سلبية تلك التي رافقت التنظيم، غياب وفود واقتصار الحضور على 39 وفدا من 54 يفترض أن تكون في المؤتمر، إضافة إلى غياب تمثيل دبلوماسي كبير عن اغلب الوفود، فمن أصل 39 وفدا لم يحضر إلا 10 رؤساء دول، وفي غياب عريض للمنظمات والمؤسسات الدولية.
لم تستطع تونس تغطية فشلها التنظيمي بتصرف عدائي للمغرب، كل ما يبدو أن الرئيس قيس سعيد ربما يتصرف وفق أجندات تريد خلق التوتر في المنطقة لصالح جهات أخرى، لكن في تونس ثمة من يرى في تصرف رئيس تونس انحرافا عن ثوابت الدبلوماسية التونسية، كما عبر رئيس حزب المجد على صفحته على الفيسبوك السيد عبد الوهاب هاني، أو بلغة الأمين العام لمنظمة العمل التونسية السيد محمد الأسعد عبيد الذي وصف تصرف حكومة بلاده العدائي ضد المغرب بالإنتحار السياسي والذي سيعقبه عزل تونس إقليميا ودوليا.