بسالة الجيش المغربي في مكافحة الإرهاب تزرع الرعب وسط جبهة البوليساريو
شكل تأمين المغرب معبر الكركرات وتطهيره من ميليشيا البوليساريو، سنة 2020، حدثا فاصلا في مسار النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، إذ كشف عن زيف الخطاب الدعائي الحربي الذي دأبت البوليساريو على الترويج له مُغلفة إياه بانتصارات وهمية تُفندها المعطيات على أرض الواقع.
ومنذ ذلك الحين، بات الكيان الوهمي متوجسا من أي تحرك عسكري لإنهاء أسطورة ما يُسميه “الأراضي المحررة”، إذ كشفت وسائل إعلام محسوبة على الانفصاليين، نقلا عن مصادر وصفتها بـ”الرفيعة”، أن الجيش المغربي دفع بمزيد من التشكيلات العسكرية إلى محيط الجدار الرملي في الصحراء، فيما استعبدت المصادر ذاتها استعداد القوات المغربية للهجوم على هذه المناطق، إذ ربطت التحركات المغربية بما أسمته “استمرار هجمات الجيش الصحراوي”، مدعية في الوقت ذاته أن “الجبهة مستعدة لأي احتمال”.
واعتبر محللون أن جميع التحركات العسكرية المغربية تأتي انسجاما مع استراتيجية المغرب لمكافحة الإرهاب ودحر تنظيماته التي تنشط على حدوده، خاصة في ظل التحذيرات الدولية الأخيرة من تنامي المخاطر الإرهابية في المناطق الجزائرية القريبة من الحدود مع المغرب، كما تأتي هذه التحركات في سياق سعي الرباط لتوفير فضاء آمن لتنزيل المبادرات الإقليمية التي أطلقتها في الآونة الأخيرة.
في هذا الإطار، قال سعيد بركنان، محلل سياسي، إن “جميع تحركات القوات المسلحة الملكية المغربية منذ تحرير الكركرات سنة 2020، كانت دائما بهدف إنهاء حالة الفوضى التي تسببت فيها عناصر البوليساريو والتي استغلتها شبكات تهريب البشر والأسلحة والمخدرات بدورها من أجل خلق منطقة عبور إلى المغرب”.
وأضاف بركنان، في تصريحه، أن “التحرك المغربي يأتي على هذا الأساس من منطلقات واضحة، هدفها الأول والأخير محاربة الإرهاب وتنظيماته والحرص على تحويل هذه المنطقة إلى منصة عبور وتبادل اقتصادي إقليمي بما يحقق النهضة والتنمية”.
وأوضح المتحدث أن “تحركات الجيش المغربي في هذه المناطق تأتي في سياق حصر عناصر البوليساريو وتحجيم عقلياتهم الإرهابية وإيقاف عمليات التهريب التي تتم في المنطقة، وكذا خلق كنف أمني للمبادرات الإقليمية التي يقدمها المغرب حلا اقتصاديا من أجل التنمية، منها المبادرة الأطلسية الأخيرة التي أطلقها لفائدة دول الساحل جنوب الصحراء”.
وخلص بركنان إلى أن “المغرب طالما عبر عن التزامه الراسخ باستتباب الأمن الإقليمي والقاري والدولي ومواجهة كل المخاطر والتهديدات الأمنية، حيث إن الرباط تربط هذا المفهوم وتُضمنه في اقتراحاتها ومبادراتها التنموية وتسعى إلى رفع مؤشراته في محيطها الإقليمي والقاري”.
تفاعلا مع الموضوع عينه، قال جواد القسمي، باحث في القانون الدولي والعلاقات الدولية، إن “أي تحركات للقوات المسلحة الملكية على مقربة من الجدار الأمني تكون مدروسة بعناية كبيرة بالنظر إلى طبيعة المنطقة وحساسيتها، وهذا ما لمسناه في العديد من التحركات السابقة التي كان هدفها في المجمل تأمين الأراضي المغربية، خاصة بالقرب من الحدود المغربية الموريتانية”.
وزاد شارحا: “إذا ما استحضرنا سياق التحركات العسكرية للقوات المسلحة الملكية بالقرب من المنطقة العازلة، وخصوصا التحذيرات الغربية من المخاطر الإرهابية التي تحدثت عنها بعض الدول وحذرت رعاياها من التواجد بمنطقة تندوف، فإن هذا الأمر يعطي سببا وجيها لأي تحرك للقوات المسلحة المغربية لتأمين المناطق القريبة من منطقة تندوف”.
وأوضح المصرح أن “التحرك المغربي يحيلنا على المعطى الثاني الذي يأتي في سياقه، وهو المبادرة الأطلسية، فهذا التحرك العسكري بالقرب من الحدود الموريتانية قد يكون الهدف منه الزيادة في تأمين الجدار الرملي، وإنشاء مواقع حدودية جديدة في شمال موريتانيا من شأنها تسهيل وتعبيد الطريق أمام تنزيل أي مشاريع تنموية في الصحراء المغربية مع دول الساحل”.
وخلص القسمي إلى أن “هذه التحركات العسكرية المغربية المدروسة بالقرب من الجدار الأمني المغربي أصبحت تؤرق جماعة البوليساريو، لأنها تعي جيدا أن أي تحرك للمغرب قد يسقط وهما من الأوهام التي نسجتها حول هذه القضية، ومنها وهم ما يسمى بالأراضي المحررة”.