المناطق الصناعية رافعة استراتيجية لجذب الاستثمار الاجنبي

Imou Media15 مايو 2025
المناطق الصناعية رافعة استراتيجية لجذب الاستثمار الاجنبي

المناطق الصناعية رافعة استراتيجية لجذب الاستثمار الاجنبي

يشكل تطوير المناطق الصناعية في المغرب أحد المحاور الاستراتيجية الأساسية التي تعتمدها المملكة لتعزيز جاذبية الاستثمار المحلي والأجنبي، وتحقيق إقلاع اقتصادي مستدام. فقد أولت الدولة أهمية متزايدة لإحداث وتحديث مناطق صناعية مجهزة ببنية تحتية متكاملة، تستجيب لمتطلبات المستثمرين، وتتيح للمقاولات بيئة مناسبة للإنتاج والابتكار. وتأتي هذه الدينامية في سياق رؤية شاملة تهدف إلى تنويع الاقتصاد الوطني، وتجاوز الاعتماد على قطاعات تقليدية، من خلال تشجيع الاستثمار في مجالات الصناعة والخدمات ذات القيمة المضافة العالية.

وقد شهد المغرب خلال السنوات الأخيرة إحداث العديد من المناطق الصناعية والاقتصادية المتخصصة، أبرزها منصات صناعية مندمجة مثل طنجة المتوسط، والنواصر، والقنيطرة، وأكادير، والتي تمثل نماذج ناجحة للتنمية الصناعية المجالية، حيث تجمع بين البنية التحتية المتطورة، والقرب من الموانئ والمطارات، والحوافز الضريبية، إضافة إلى سهولة الإجراءات الإدارية. هذه المناطق مكنت من استقطاب شركات كبرى متعددة الجنسيات، خاصة في قطاعات السيارات والطيران والنسيج والإلكترونيات.

ويرى الخبير في السياسات الاقتصادية، عبد الرحمان الطاهري، أن “نجاح المغرب في استقطاب الاستثمارات الصناعية الكبرى لا يعود فقط إلى موقعه الجغرافي الاستراتيجي، بل أيضا إلى قدرته على تقديم عرض ترابي تنافسي من خلال مناطق صناعية مهيكلة، تؤمن للمستثمرين شروط الاستقرار والنمو، وتوفر منظومة متكاملة من الخدمات”. ويضيف أن “توسيع نطاق هذه المناطق ليشمل مختلف الجهات قد يسهم في تحقيق عدالة ترابية في توزيع فرص الشغل والاستثمار، ويحد من التفاوتات المجالية”.

وتسعى الدولة من خلال هذه المبادرات إلى تحقيق عدة أهداف متكاملة، من بينها خلق مناصب شغل قارة، وتحقيق التوازن المجالي، وتعزيز الصادرات الصناعية، إلى جانب نقل التكنولوجيا وتطوير الكفاءات المحلية. كما أن هذه المناطق تندرج ضمن توجه المغرب نحو تعزيز مكانته كمنصة صناعية إقليمية وقارية، من خلال الربط بين البعد المحلي والانفتاح على الأسواق الإفريقية والأوروبية.

ورغم التقدم المحرز، لا تزال بعض التحديات مطروحة، من بينها ضمان توزيع عادل للمناطق الصناعية بين الجهات، وتحسين الخدمات اللوجستية، ومعالجة إشكاليات العقار الصناعي، وتوفير موارد بشرية مؤهلة. وفي هذا الصدد، تعمل الحكومة على إعداد برامج لدعم الاستثمار الجهوي، وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، من أجل رفع جاذبية مختلف المناطق وتحقيق التكامل الصناعي.

إن الاستثمار في المناطق الصناعية يشكل رهانا تنمويا كبيرا، باعتباره محركا أساسيا للتنمية الاقتصادية والمجالية. ومع مواصلة الجهود في مجال التخطيط والتأهيل، فإن هذه المناطق قادرة على لعب دور محوري في بناء اقتصاد تنافسي ومندمج، يجعل من المغرب وجهة مفضلة للاستثمار والإنتاج.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.