احتجاجات داخل مجلس مراكش تكشف عمق أزمة الثقة في التسيير المحلي والسياسي
لم يكن ما جرى يوم الثلاثاء 07 اكتوبر الجاري داخل قاعة مجلس جماعة مراكش حدثًا عابرًا، بل محطة سياسية فارقة أعادت طرح أسئلة عميقة حول الحكامة المحلية والتدبير الترابي، بعد أن انفجر غضب سكان حي “بين القشالي” في وجه رئيسة المجلس ووزيرة إعداد التراب الوطني والإسكان، فاطمة الزهراء المنصوري.
المشهد كان غير مسبوق، إذ اقتحم المحتجون الجلسة تعبيرًا عن رفضهم لسياسات الترحيل وإعادة الهيكلة التي وُصفت بـ”غير العادلة”، كما رفعوا أصواتهم تضامنًا مع ضحايا زلزال الحوز الذين ما زالوا يعيشون على وقع الوعود المؤجلة. أمام هذا الضغط الشعبي، اختارت العمدة قطع أشغال الدورة ومغادرة القاعة، في خطوة فسّرها البعض على أنها هروب من المواجهة وصورة تختزل أزمة التواصل بين المنتخب والمواطن.
ازدواجية في الخطاب وفشل في التواصل
تُقدَّم فاطمة الزهراء المنصوري في الخطاب الإعلامي الرسمي كـ”نموذج للمرأة القيادية”، غير أن واقع الممارسة يضعها في موقع المساءلة أكثر من الإشادة. فكيف لوزيرة تُمسك بملف الإسكان والتخطيط الحضري على المستوى الوطني أن تعجز عن تدبير أحياء داخل مدينتها، حيث يعاني السكان من التهميش وغياب العدالة المجالية؟
المنصوري ليست حالة معزولة، بل صورة مصغرة لأزمة أوسع داخل حكومة عزيز أخنوش، حيث تتكرر مظاهر التناقض بين التصريحات الوردية على المنابر والواقع الميداني المليء بالإخفاقات. فبينما تتحدث الحكومة عن التنمية المتوازنة والإنصات للمواطنين، ما يزال المواطن المغربي يواجه البيروقراطية، وغياب الشفافية، وتضارب المصالح بين السياسي والحكومي.
نعم حزب في مأزق وحكومة في أزمة لأن حزب الأصالة والمعاصرة، الذي تتزعمه المنصوري، يعيش بدوره مرحلة دقيقة، بعد سلسلة من الفضائح والملفات القضائية التي طالت بعض قيادييه، ما أثر على صورة الحزب في الشارع والرأي العام. أما الحكومة التي تشكل جزءًا منها، فقد تراجعت شعبيتها بشكل غير مسبوق، في ظل تفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية وارتفاع منسوب الاحتقان الشعبي.
صوت الشارع أقوى من الصمت الرسمي والاحتجاج الذي دوّى داخل قاعة المجلس الجماعي لمراكش هو أكثر من مجرد صرخة محلية؛ إنه مؤشر على عمق الشرخ بين المواطن ومؤسساته المنتخبة. فحين يتحول الإنصات إلى ترفٍ، والمحاسبة إلى استثناء، يصبح الغضب الشعبي هو اللغة الوحيدة المفهومة.
ولعل الرسالة الأوضح من كل ما جرى اليوم هي أن زمن الشعارات انتهى، وأن المواطن المغربي لم يعد يقبل إعادة تدوير نفس الوجوه ونفس الخطابات، بل يطالب بمسؤولين يملكون الجرأة على الاعتراف بالفشل قبل ادعاء الإنجاز.
ن عمر بالكوجا أكادير


































