قضية استثمارية تهزّ الرباط: مستثمر قطري يتّهم منتخبًا استقلاليًا بالنصب والتزوير واستغلال النفوذ
تعيش العاصمة الرباط على وقع تحقيقات قضائية حساسة بعدما تفجّرت قضية استثمارية معقدة بطلها مستثمر قطري يتّهم أحد المنتخبين الجماعيين عن حزب الاستقلال، النائب الخامس للعمدة السابقة أسماء أغلالو، بارتكاب خيانة للأمانة، والنصب، والتزوير، والابتزاز في مشروع عقاري ضخم تبلغ قيمته عشرات الملايين من الدراهم.
مشروع استثماري يتحوّل إلى نزاع قضائي
بدأت فصول القضية حين أسّس المستثمر القطري شركة مغربية تحمل اسم “الوكرة للاستثمار والتطوير العقاري”، بهدف إنجاز مشروع سكني من عدة طوابق بمدينة الرباط. وبحكم إقامته الدائمة خارج المغرب، فوّض تسيير المشروع لخالد مجاوير بموجب توكيل قانوني رسمي، ظنًّا منه أنه شريك موثوق يتمتع بالخبرة والمصداقية.
غير أن الشكاية المرفوعة للنيابة العامة تفيد أن المشتكى به استغل ذلك التوكيل لتغيير بيانات السجل التجاري للشركة وجعل نفسه مسيّرًا قانونيًا، مما حرَم المستثمر من الولوج إلى الحسابات البنكية والوثائق المحاسبية، في ما اعتبره دفاع المستثمر تزويرًا وخيانة للأمانة.
تضليل حول رخصة البناء ومغالطات مالية
وحسب الوثائق، أخبر المشتكى به المستثمر بأن رخصة البناء تسمح بإنجاز 11 طابقًا، بينما الرخصة الرسمية لا تخوّل سوى 5 طوابق. هذا التضليل كلّف المستثمر مبالغ طائلة ضُخت بناءً على معطيات مغلوطة.
كما أشارت الشكاية إلى أن المشتكى به ادّعى أنه حصل، عبر اتصالاته مع بعض المسؤولين المحليين، على موافقة استثنائية لبناء 8 طوابق، مقابل إسناد الأشغال لمقاول معيّن، في ما وصفته الشكاية بـ ابتزاز سياسي ومالي مكشوف.
شركات واجهة وتحويلات غامضة
بعد تقدم الأشغال، تم إبعاد المقاول الأصلي وتعويضه بشركة يملكها المشتكى به أو زوجته، حيث تم فرض مبالغ إضافية فاقت 5 ملايين درهم تحت مبرر “إصلاح واجهة المبنى”.
ووصل مجموع الاستثمارات التي ضخها المستثمر إلى 161 مليون درهم، بينما لم يتسلّم سوى نحو 34 مليون درهم، في حين اختفت باقي الأموال بين تحويلات وفواتير صورية، من بينها وثيقة صادرة عن شركة وهمية باسم “الدار بيلدينغ” تطالب بدين يفوق 20 مليون درهم مقابل شقق غير موجودة.
تهديدات وضغوطات متزايدة ، تؤكد الشكاية أن المشتكى به، بعد انكشاف هذه التلاعبات، لجأ إلى التهديد والابتزاز، ملوّحًا باتهامات مزيفة للمستثمر بـ“غسيل الأموال”، في محاولة لإرغامه على التنازل عن حقوقه ومطالبه المالية.
تحقيق قضائي مفتوح وتداعيات أوسع ، والقضية اليوم قيد البحث من طرف النيابة العامة بالرباط، التي أمرت بفتح تحقيق شامل يشمل مراجعة الحسابات، وإجراء خبرة مالية مستقلة لتحديد حجم الأموال المختلسة، ومواجهة المشتكى به بالوثائق الرسمية.
محامون وخبراء قانونيون يرون أن الوقائع الموصوفة في الملف تمثل جرائم كاملة الأركان، وتشير إلى استغلال النفوذ السياسي في المجال العقاري، ما يعيد إلى الواجهة سؤال حماية المستثمرين الأجانب في المغرب وضمان الشفافية في تدبير المشاريع الكبرى.
بين المال والسياسة: الحاجة إلى إصلاح ، القضية لا تقتصر على نزاع تجاري، بل تكشف عن ثغرات في العلاقة بين السلطة المحلية والقطاع العقاري، وتسلّط الضوء على ضرورة تعزيز الرقابة القانونية والمحاسبية، ومنع تضارب المصالح بين المنتخبين والمستثمرين، حمايةً لسمعة مناخ الأعمال الوطني وجاذبية المغرب كوجهة استثمارية.
ن عمر بالكوجا أكادير


































