تزايد إفلاسات الشركات في المغرب سنة 2025: إنذار اقتصادي يتطلب تحركًا عاجلًا
يتجه المغرب نحو سنة اقتصادية صعبة، بعدما كشفت أحدث بيانات صادرة عن شركة «أليانز تريد» عن توقع ارتفاع غير مسبوق في عدد حالات إفلاس الشركات خلال عام 2025، ليصل إلى نحو 16,800 حالة، بزيادة تقدر بـ 7% مقارنة مع السنة الماضية.
هذا التطور، الذي يوصف بـ”المقلق”، يعيد إلى الأذهان تداعيات الأزمة المالية العالمية، ويؤشر على هشاشة البنية الاقتصادية، خصوصًا لدى الشركات الصغيرة جدًا والمتوسطة (TPME) التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الوطني وتشغل نسبة كبيرة من اليد العاملة.
شركات هشّة في مواجهة أعاصير اقتصادية
تُظهر المعطيات أن هذه الفئة من المقاولات تواجه وضعًا حرجًا نتيجة تراكم عدة عوامل، منها ضعف التمويل الذاتي، وارتفاع كلفة الائتمان، وتراجع الطلب الداخلي، إضافة إلى تباطؤ الاستثمارات وارتفاع أسعار المواد الأولية.
كما أدى انحسار الدعم الحكومي واشتداد شروط التمويل البنكي إلى تقليص قدرتها على الصمود، في وقت يشهد فيه السوق المحلي ركودًا واضحًا وتراجعًا في القدرة الشرائية للأسر.
القطاعات الأكثر هشاشة، بحسب التقرير، تشمل البناء والتجارة بالتجزئة والفندقة والمطاعم والخدمات الموجهة للأفراد، وهي قطاعات ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالطلب المحلي وبالقطاع السياحي الذي يمر بدوره بمرحلة إعادة هيكلة بعد جائحة كوفيد-19.
ويرى محللون أن استمرار هذا المنحى التصاعدي في الإفلاس قد يؤدي إلى فقدان آلاف مناصب الشغل، ويؤثر بشكل مباشر على معدلات النمو الاقتصادي التي يتوقع أن تظل دون الطموحات.
ورغم قتامة التوقعات لسنة 2025، يشير تقرير “آفاق الإفلاس العالمية 2026-2027” إلى احتمال تسجيل تراجع طفيف في حالات الإفلاس بنسبة 1% سنة 2026، يليه انخفاض أوضح في حدود 6% سنة 2027.
لكن حتى مع هذا التحسن النسبي، سيبقى عدد الإفلاسات أعلى من مستويات ما قبل الجائحة بنسبة 94%، مما يعكس استمرار هشاشة النسيج الاقتصادي المغربي وصعوبة استعادته لتوازنه في المدى القريب.
ولا يختلف الوضع كثيرًا على الصعيد العالمي، إذ تتوقع “أليانز تريد” أن تعرف الولايات المتحدة والصين وإيطاليا وسويسرا وفرنسا وإسبانيا زيادات جديدة في حالات الإفلاس خلال 2025 و2026، مدفوعة بالحروب التجارية، والتوترات الجيوسياسية، وتباطؤ حركة التجارة العالمية.
ويعد المغرب، باعتباره اقتصادًا منفتحًا يعتمد على التصدير والاستيراد، معرضًا لتداعيات هذه التقلبات العالمية، خصوصًا في قطاعات الصناعة والخدمات اللوجستية والتجارة الخارجية.
إصلاحات ضرورية لتفادي الأسوأ
تؤكد هذه المؤشرات أن إعادة تقييم السياسات الاقتصادية أصبحت ضرورة ملحّة. فتعزيز صمود الشركات الصغيرة والمتوسطة يتطلب خطة شاملة تشمل تسهيل الولوج إلى التمويل، وتحفيز التحول الرقمي، وتوسيع آليات الضمان، وتبسيط المساطر الإدارية.
كما يدعو الخبراء إلى إنشاء مرصد وطني لمتابعة وضعية المقاولات يتيح التنبؤ المبكر بالأزمات القطاعية وتوجيه الدعم بشكل فعال.
إذا لم يتم التحرك سريعًا لدعم النسيج المقاولاتي الوطني، فإن الاقتصاد المغربي قد يواجه موجة بطالة جديدة وتراجعًا في معدلات النمو يصعب احتواؤه على المدى المتوسط.
ويبقى الرهان الأكبر في المرحلة المقبلة هو تمكين المقاولات من التكيّف مع التحولات الاقتصادية العالمية وتحويل التحديات إلى فرص للنهوض والابتكار..
































