المجلس الأعلى للحسابات يحيل 55 ملفاً على القضاء خلال أربع سنوات: العدوي تؤكد صرامة الرقابة وحماية المال العام
في خطوة تؤكد تشديد الرقابة على المال العام وتعزيز المساءلة في تدبير الشأن العمومي، كشفت السيدة زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، أن المجلس أحال 55 ملفاً على القضاء، تتضمن قرائن أفعال يُحتمل أن تشكل جرائم مالية، وذلك خلال الفترة الممتدة من 2021 إلى أكتوبر 2025.
جاء ذلك في كلمتها الافتتاحية خلال اليومين الدراسيين حول “تعزيز آليات الرقابة القضائية والإدارية لتدبير الأموال العمومية”، المنظمين بالصخيرات من طرف رئاسة النيابة العامة بشراكة مع المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزارة الاقتصاد والمالية – المفتشية العامة للمالية.
مساطر دقيقة ومسؤولية مشتركة
وأوضحت العدوي أن المحاكم المالية، سواء على مستوى المجلس الأعلى للحسابات أو المجالس الجهوية، لا تبادر بالإحالة على النيابة العامة إلا بعد تحليل معمق للقرائن المتوفرة، وضمان توافر الشروط القانونية التي تبرر المتابعة الجنائية. وأضافت أن هذه المقاربة تهدف إلى حماية سمعة الأشخاص والمؤسسات، وضمان موضوعية الإجراءات الرقابية بعيداً عن أي توظيف أو تأويل مغرض.
77 شكاية من رئاسة النيابة العامة و1650 من المواطنين
وأشارت العدوي إلى أن المجلس الأعلى للحسابات توصل، خلال سنة 2024 وإلى غاية منتصف أكتوبر الجاري، بـ 77 شكاية من رئاسة النيابة العامة، تبين بعد دراستها أن شكايتين فقط تتضمنان معطيات تشكل قرائن جدية على ارتكاب أفعال موجبة للمتابعة.
كما توصل المجلس خلال السنة نفسها بـ 1650 شكاية من المواطنين ومختلف الجهات، جرى اقتراح برمجة مهام رقابية بشأن 14% منها، أو تفعيل المساطر القانونية اللازمة في حق المتورطين المفترضين.
أثر مالي يتجاوز 140 مليون درهم
ولفتت الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات إلى أن أعمال الرقابة خلال السنة الماضية أثمرت عن اتخاذ إجراءات تصحيحية مهمة أثناء تنفيذ المهام الرقابية أو عقب التوصل بالتقارير التمهيدية، وهو ما مكّن من تحقيق أثر مالي مقدر بنحو 140 مليون درهم، يعكس جدية التتبع وفعالية الرقابة في حماية المال العام واسترجاع جزء من الخسائر الناتجة عن سوء التدبير.
الرقابة في زمن التحول الرقمي
وفي سياق متصل، دعت العدوي إلى تحديث آليات الرقابة بما يتلاءم مع التحولات الرقمية وسرعة تداول المعلومات، مشددة على أن “المواطن اليوم أصبح فاعلاً أساسياً في منظومة النزاهة والرقابة”، من خلال دوره في التبليغ والمساءلة المجتمعية، التي باتت تشكل رافعة جديدة في مواجهة الفساد.
وفي المقابل، حذّرت من مخاطر التوظيف غير الموضوعي لمخرجات الرقابة أو استغلالها في حملات غير مؤسسة، مؤكدة أن المجلس يعمل وفق مقاربة مهنية صارمة توازن بين الشفافية وضمان حقوق الأطراف.
نحو تكامل مؤسساتي في حماية المال العام
ويهدف هذا اللقاء الوطني، الذي يجمع قضاة وخبراء وممثلين عن مؤسسات الحكامة، إلى تشخيص واقع أجهزة الرقابة والتدقيق في القطاعات العمومية، وتعزيز التنسيق بين السلطات الإدارية والقضائية والمالية، بما يضمن فعالية أكبر في التصدي لاختلالات التدبير العمومي وترسيخ ثقافة المساءلة والمحاسبة كمرتكز من مرتكزات النموذج التنموي الجديد..