تحالف المصالح الكبرى: كيف يعيد أخنوش وبنجلون رسم خريطة الطاقة في المغرب؟
ن عمر بالكوجا أكادير
في الوقت الذي تراهن فيه المملكة على مشاريع التحول الطاقي والماء كمفاتيح للسيادة الوطنية، يبرز على الساحة الاقتصادية تحالف استراتيجي يجمع بين اثنين من أقوى الفاعلين في المشهد المالي والصناعي المغربي: عزيز أخنوش، رئيس الحكومة ورئيس مجموعة أكوا (Akwa)، وعثمان بنجلون، رئيس مجموعة O Capital وبنك BMCE Bank of Africa.
هذا التحالف، الذي تعود جذوره إلى سنة 2015 عبر إنشاء شركة Green of Africa (GOA)، لم يعد مجرد مشروع بيئي مشترك، بل تحول إلى نموذج جديد للنفوذ الاقتصادي المتقاطع مع القرار السياسي. فالشركة التي انطلقت بتركيز على الطاقة المتجددة، توسعت اليوم إلى مجالات أكثر حساسية: تحلية مياه البحر، الهيدروجين الأخضر، والطاقة الشمسية والريحية، وهي القطاعات التي تحدد مستقبل السيادة الطاقية للمغرب خلال العقود المقبلة.
من الشراكة البيئية إلى الهيمنة الاستراتيجية
خلال السنوات الأخيرة، بدأت Green of Africa، خصوصًا عبر فرعها في الداخلة، في إعادة هيكلة داخلية همّت الحوكمة والإدارة الميدانية، ما منحها قدرة أكبر على التحكم في المشاريع الكبرى بالجنوب. هذا التموقع لا يعكس مجرد طموح اقتصادي، بل اتجاهًا نحو توسيع النفوذ في مناطق تعتبر مستقبل الاستثمار الطاقي الوطني.
ويلاحظ أن التعاون بين أخنوش وبنجلون لم يقتصر على الشركة المشتركة، بل اتخذ منحى أوسع؛ إذ يمتلك كل طرف شبكات استثمارية خاصة في مجالات البنيات التحتية، والمشاريع الشمسية الكبرى في نور ميدلت ومراكش، إضافة إلى مشاريع تحلية المياه التي تموّل جزئيًا من الصناديق السيادية.
ثروة تتنامى… وأسئلة تتصاعد
وفقًا لتصنيفات مجلة Forbes Africa، يواصل الثنائي احتلال المراتب الأولى ضمن أغنى الشخصيات الإفريقية:
عزيز أخنوش في صدارة أغنياء المغرب منذ 2021،
عثمان بنجلون في المرتبة الثانية، رغم تراجع بعض مؤشرات القطاع البنكي.
هذا التموقع المالي يثير تساؤلات حول حدود الفصل بين المسؤولية السياسية والمصلحة الاقتصادية، خصوصًا في القطاعات التي تعتبر عصب التنمية المستقبلية. فحين تتقاطع الاستثمارات الخاصة مع القرارات العمومية في نفس الميدان، يصبح الجدل حول تضارب المصالح أمرًا مشروعًا بل ضروريًا.
بين السيادة الاقتصادية والمصالح الخاصة
يواجه المغرب اليوم تحديًا استراتيجيًا يتمثل في ضمان توازن دقيق بين تشجيع المبادرات الاستثمارية الكبرى وحماية المصلحة الوطنية. فالمشاريع الطاقية والمائية لا يمكن أن تتحول إلى مجال مغلق تحت سيطرة نخبة مالية محدودة، لأن رهاناتها تتجاوز الأرباح إلى قضية الأمن الطاقي والمائي للمواطنين.
إن مستقبل السيادة الطاقية للمغرب لن يُقاس بحجم المشاريع فقط، بل بمدى شموليتها وعدالتها في توزيع المنافع، وبقدرة الدولة على ضبط التداخل بين المال والقرار. فبينما يطمح المغرب إلى أن يكون رائدًا في الطاقات النظيفة، يبقى السؤال المفتوح:
هل ستقود هذه الشراكات الاقتصاد نحو الاستقلال الحقيقي، أم نحو تركيز جديد للسلطة الاقتصادية في يد قلة من الأثرياء؟