بين السكينة وقطع الأرزاق قرار جماعي يثير الغضب في أكادير

Imou Media12 أكتوبر 2025
بين السكينة وقطع الأرزاق قرار جماعي يثير الغضب في أكادير

بين السكينة وقطع الأرزاق قرار جماعي يثير الغضب في أكادير

عمر بالكوجا أكادير

يبدو أن مشروع القرار الجماعي المتعلق بتحديد أوقات فتح وإغلاق المحلات التجارية والخدماتية بمدينة أكادير، ليس مجرد إجراء تنظيمي كما يقدم، بل خطوة مثيرة للجدل قد تحمل في طياتها نوايا أخرى تتجاوز مبدأ “السكينة العامة” إلى ما يشبه التضييق الاقتصادي الممنهج على فئات واسعة من المهنيين والتجار الصغار.
القرار في ظاهره إداري، وفي باطنه سؤال كبير: لماذا الآن؟
وفي ظرفية يعيش فيها القطاع التجاري والخدماتي بمدينة أكادير على وقع ركود خانق، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة والضرائب والكراء وفواتير الماء والكهرباء؟
هل يعقل أن تغلق المحلات والمقاهي والمطاعم في مدينة سياحية ساحلية عند الواحدة صباحا؟
مدينة تروج على أنها عاصمة السياحة والمهرجانات، ويراد لها أن تنافس مراكش وطنجة والداخلة؟
كيف يمكن لمدينة تستقبل آلاف الزوار سنويا أن تطفئ أنوارها في وقت يتنفس فيه السائح والمواطن معا بعض الحيوية الاقتصادية؟
ثم من المستفيد من هذا القرار؟
هل تم إشراك الغرف المهنية، والتمثيليات النقابية، وجمعيات التجار والمهنيين قبل إعداد النص؟
أم أن الأمر اقتصر على دائرة ضيقة اتخذت القرار في الكواليس دون دراسة الأثر الاجتماعي والاقتصادي له؟
يقال إن الهدف هو “السكينة العامة”، لكن السكينة لا تتحقق بإغلاق الأرزاق، بل بتنظيمها بعقلانية ومرونة.
فالمقاهي والمطاعم والمتاجر هي متنفس لفئة واسعة من الشباب والعاملين الذين يشتغلون ليلا لتأمين قوتهم اليومي، وإغلاقها المبكر يعني ببساطة قطع أرزاقهم وتشريد أسرهم.
ثم إن القرار يشير إلى إمكانية تمديد أوقات الإغلاق عبر منصة “Rokhas.ma”، لكن بشروط مالية وإدارية قد لا يقدر عليها صغار التجار، مما يجعل الامتياز محصورا في فئة محددة، ويكرس منطق “الترضيات الخاصة”.
وهنا يطرح السؤال بوضوح: هل نحن أمام قرار تنظيمي فعلا، أم أمام آلية لتوزيع الامتيازات؟
من المؤسف أن المجلس الجماعي لأكادير ينسخ قرارا يعود إلى سنة 1969، بدل أن يواكب العصر ويبتكر حلولا تتماشى مع النموذج التنموي الجديد وروح الاستثمار والسياحة التي يفترض أن المدينة تتبناها.
المدينة اليوم بحاجة إلى دعم المستثمرين الصغار والمتوسطين، لا إلى قرارات تقيدهم أكثر.
فأكادير ما زالت تتعافى من تبعات جائحة كورونا، ومن الركود السياحي، ومن تراجع القوة الشرائية للمواطنين، والقرار في هذا التوقيت يبدو وكأنه رصاصة جديدة في جسد الاقتصاد المحلي.
اللهم قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق.
فأرزاق الناس ليست مجالا للتجارب ولا وسيلة لتصفية الحسابات أو مجاملة أطراف معينة.
وإن كان الهدف فعلا هو التنظيم، فالتنظيم لا يكون بالعقاب، بل بالحوار والتشاور والمقاربة التشاركية التي تضمن مصلحة الجميع: السكان، التجار، والسياح على حد سواء.
وفي النهاية، الأيام كفيلة بكشف المستور:
هل كان الهدف فعلا حماية السكينة العامة؟
أم كانت هناك “سكينة أخرى” تراد إرضاؤها في الخفاء…

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.