المغرب يسرّع وتيرة تقنين القنب بين آفاق اقتصادية ورهانات اجتماعية

Imou Media8 سبتمبر 2025
المغرب يسرّع وتيرة تقنين القنب بين آفاق اقتصادية ورهانات اجتماعية

المغرب يسرّع وتيرة تقنين القنب… بين آفاق اقتصادية ورهانات اجتماعية

ن عمر بالكوجا أكادير

في تحول لافت لمسار تقنين القنب بالمغرب، لم يعد النقاش محصوراً في الجدل الأخلاقي أو الأمني، بل أصبح واقعاً مؤطراً بقوانين ومؤسسات، مع خطوات عملية تعكس الرغبة في بناء قطاع اقتصادي واجتماعي متكامل. فقد أعلنت الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية عن منح تراخيص رسمية لـ 26 منتجاً تجميلياً و41 مكملاً غذائياً، سُجلت وفق المساطر القانونية المعتمدة قبل السماح بتسويقها محلياً أو توجيهها نحو التصدير.

وبالتوازي، كثّفت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب (ANRAC) من عمليات المراقبة، حيث تجاوز عدد التفتيشات 2200 عملية خلال الأشهر الأخيرة، في ظل التوسع المتزايد في عدد المستثمرين والفاعلين الجدد داخل هذا القطاع.

على مستوى الزراعة، قفزت المساحات المخصصة لزراعة القنب المحلي المعروف بـ“البلدية” إلى 4400 هكتار خلال الموسم الحالي، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف الموسم الماضي. ويرى خبراء أن هذا التوسع يشكل خطوة حاسمة نحو إدماج آلاف المزارعين التقليديين في إطار قانوني يضمن دخلاً مستقراً لهم، ويحد من هيمنة الوسطاء وشبكات السوق السوداء.

يؤكد الباحثون أن إدخال المزارعين في سلاسل إنتاجية منظمة قد يساهم في تحسين أوضاعهم المعيشية والتخفيف من الملاحقات القانونية التي طالما لاحقتهم. لكن في المقابل، يحذر آخرون من مخاطر احتكار الشركات الكبرى للتراخيص والأسواق، مما قد يؤدي إلى إقصاء صغار الفلاحين.
وفي هذا السياق، شدد الخبير الاقتصادي محمد شوقي على أن “نجاح التجربة المغربية مرهون بمدى إشراك الفلاحين التقليديين بشكل عادل، حتى لا يتحول التقنين إلى مجرد نقل للثروة من يد إلى أخرى”.

اقتصادياً، يتوقع أن يفتح هذا القطاع آفاقاً واسعة للمغرب. فوفق تقديرات دولية، قد يتجاوز حجم سوق القنب الطبي والتجميلي 55 مليار دولار عالمياً بحلول 2030. ويتيح الموقع الجغرافي للمملكة وخبرتها الزراعية إمكانية تصدير منتجات ذات قيمة مضافة عالية نحو أوروبا، التي تعتبر أكبر سوق استهلاكية في هذا المجال.

التجارب الدولية تعكس حجم الرهانات؛ ففي كندا، قُدّرت قيمة صناعة القنب بأكثر من 8 مليارات دولار سنوياً مع خلق أزيد من 150 ألف وظيفة، فيما أصبحت ألمانيا أكبر مستورد أوروبي للقنب الطبي منذ 2017، بفضل تشريعات مرنة وإطار تنظيمي صارم.

الى جانب الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، تراهن السلطات المغربية على أن تنظيم سلسلة الإنتاج والتوزيع سيساهم في إضعاف السوق الموازية التي لطالما شكلت مصدر قلق اقتصادي وأمني. فإدماج القنوات الرسمية من شأنه أن يوجه الموارد نحو خزينة الدولة عبر الضرائب، ويحد من نفوذ شبكات الاتجار غير المشروع.

في المحصلة، لم يعد الحديث عن القنب بالمغرب يقتصر على زراعة تقليدية مرتبطة بالجبال الشمالية، بل بات ورشاً استراتيجياً يروم بناء قطاع اقتصادي–اجتماعي متكامل، يخلق قيمة مضافة، ويمنح الفلاحين دخلاً قانونياً، ويحوّل تحدياً تاريخياً إلى فرصة تنموية واعدة..

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.