الطريق إلى انتخابات 2026: صدام رؤى ومطالب بإصلاح جذري للمنظومة الانتخابية

Imou Media3 سبتمبر 2025
الطريق إلى انتخابات 2026: صدام رؤى ومطالب بإصلاح جذري للمنظومة الانتخابية

الطريق إلى انتخابات 2026: صدام رؤى ومطالب بإصلاح جذري للمنظومة الانتخابية

ن عمر بالكوجا أكادير

مع اقتراب موعد انتخابات 2026، دخل النقاش السياسي في المغرب مرحلة أكثر وضوحًا واحتدامًا، في ظل انطلاق مشاورات موسعة بين وزارة الداخلية ومختلف الأحزاب السياسية بشأن تعديل القوانين المؤطرة للعملية الانتخابية. وقد جاءت هذه المشاورات في سياق سياسي واجتماعي يطرح بإلحاح قضايا النزاهة والتمثيلية والمشاركة الشعبية، وسط دعوات متزايدة لإصلاحات جوهرية تهم القواعد القانونية والتنظيمية للانتخابات.

وبينما اتفقت بعض المذكرات الحزبية على ضرورة تحيين اللوائح الانتخابية وتوسيع قاعدة المشاركة، سرعان ما برزت خلافات حادة حول محاور رئيسية، أبرزها نظام القاسم الانتخابي، الجهة المشرفة على الانتخابات، تمثيلية النساء والشباب، مشاركة مغاربة العالم، وتمويل الحملات الانتخابية.

لجنة مستقلة بدل وزارة الداخلية؟

أحد أبرز المقترحات التي فجّرت النقاش جاء من فيدرالية اليسار الديمقراطي، التي طالبت بإحداث لجنة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات، معتبرة أن استمرار إشراف وزارة الداخلية “لم يعد كافيًا لضمان الشفافية”، على حد تعبيرها. واستندت الفيدرالية في مطلبها إلى معايير دولية، مؤكدة أن أزيد من 79% من دول العالم تعتمد هيئات مستقلة لتنظيم الانتخابات.

كما دعت إلى تسجيل تلقائي في اللوائح الانتخابية عبر اعتماد البطاقة الوطنية، لتجاوز عزوف ملايين الناخبين المحتملين. المذكرة شملت أيضًا مطالب متقدمة مثل إقرار المناصفة الفعلية في الترشيحات، ودوائر انتخابية خاصة بمغاربة العالم، إضافة إلى ربط الدعم العمومي بنزاهة السياسيين وقطع التمويل عن الأحزاب المرتبطة بملفات فساد.

صراع القاسم الانتخابي

حزب العدالة والتنمية شدد من جهته على رفضه القاطع للصيغة الحالية للقاسم الانتخابي المعتمدة منذ 2021، واصفًا إياها بأنها “تُفرغ الديمقراطية من محتواها”، ومطالبًا بالعودة إلى القواعد القديمة، التي تعتمد تقسيم عدد الأصوات الصحيحة على عدد المقاعد، مرفوقة بقاعدة أكبر البقايا.

في المقابل، دافع حزب التقدم والاشتراكية عن النظام الحالي، معتبراً أنه أكثر ديمقراطية لكونه يمنع احتكار الأحزاب الكبرى للمقاعد، ويوسع قاعدة التمثيل داخل البرلمان. وقد اقترح الحزب في مذكرته إنشاء هيئة مشتركة تضم ممثلين عن الأحزاب وقضاة لضمان شفافية الانتخابات، بدل الاكتفاء بإشراف الداخلية وحدها.

تمثيلية النساء في قلب الإصلاح

أما حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فركز في مذكرته على تعزيز تمثيلية النساء، مقترحًا تخصيص 132 مقعدًا برلمانيًا للنساء، مع إلزام الأحزاب بترشيحهن بنسبة 50% في الدوائر المحلية، وليس فقط عبر اللوائح الوطنية أو الجهوية. ويرى الحزب أن التمييز الإيجابي المؤقت ضروري لضمان مناصفة فعلية داخل المؤسسات المنتخبة، خاصة في ظل ضعف التمثيلية الحالية.

مقترحات مثيرة للجدل

في المقابل، قدّم حزب الخضر المغربي مجموعة من المقترحات غير المسبوقة، من أبرزها فرض التصويت الإجباري، مع إمكانية تقديم تنازل كتابي عن ذلك، وزيادة الدعم العمومي للأحزاب إلى 200 مليون سنتيم للأحزاب المشاركة، وتوزيعه وفق معايير تشمل عدد المقاعد والتمثيلية النسائية والشبابية.

كما طالب الحزب بـمراجعة التقطيع الانتخابي بناءً على نتائج الإحصاء العام لسنة 2024، وإقرار يوم اقتراع كعطلة رسمية، وإحداث شرطة انتخابية خاصة لضبط الخروقات، إلى جانب السماح بـالتصويت الرقمي عن بعد لفائدة مغاربة العالم.

الرؤية الملكية وتأهيل المشهد السياسي

من جهته، شدد حزب الاستقلال على ضرورة احترام الرؤية الإصلاحية التي دعا إليها جلالة الملك، معتبرًا أن نجاح الاستحقاقات المقبلة يتوقف على تفعيل شفاف للإصلاحات القانونية، وتطوير الأبعاد المؤسساتية والمالية والإعلامية للعملية الانتخابية. واعتبر الحزب أن الرهان الأكبر هو استعادة ثقة المواطنين في المؤسسات، ورفع نسبة المشاركة، خصوصًا في صفوف الشباب.

مشهد انتخابي على مفترق طرق

تكشف المذكرات الحزبية أن النقاش الدائر اليوم لا يقتصر على تعديل تقني للقوانين، بل يُترجم تباينًا حقيقيًا في الرؤى حول مستقبل الديمقراطية التمثيلية بالمغرب. وبين من يرى في وزارة الداخلية ضمانة للاستقرار، ومن يطالب بهيئة مستقلة، ومن يسعى إلى توسيع قاعدة المشاركة مقابل من يركز على الضبط والرقابة، تتعدد المقاربات وتتصارع التصورات.

ومع أن الحسم النهائي بيد وزارة الداخلية، فإن التحدي الأكبر يكمن في التوفيق بين مطالب الإصلاح، وضمان جهوزية البلاد لتنظيم انتخابات شفافة، عادلة وشاملة في أفق 2026.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.