أورير.. نزاع عقاري مزمن يتحول إلى اختبار حقيقي لهيبة القضاء والأمن الاستثماري
ن عمر بالكوجا أكادير
رغم أن القضاء المغربي قال كلمته النهائية في نزاع عقاري قديم بجماعة أورير، شمال مدينة أكادير، إلا أن الملف ما يزال يراوح مكانه. فبين أحكام قطعية صدرت لصالح المتضررين، وإجراءات تنفيذ متعثرة داخل المحافظة العقارية، تحولت القضية إلى رمز لبطء المساطر الإدارية ومصدر قلق للمستثمرين والسكان المحليين على حد سواء.
النزاع، الذي استمر لسنوات طويلة وتداخلت فيه مطالب تحفيظ متعارضة ومساطر قضائية معقدة، أسدل الستار على مساره القضائي بصدور أحكام نهائية وباتّة يفترض أن تُنهي الخلاف وتعيد الطمأنينة للملاك المتضررين.
غير أن الواقع، حسب شهادات المعنيين، يسير في اتجاه مغاير؛ فتنفيذ هذه الأحكام ما يزال معلقاً، ما أبقى الملف مفتوحاً وأعاد مشاعر القلق وفقدان الثقة في المساطر الإدارية.
المشتكون، الذين طرقوا أبواب ولاية جهة سوس ماسة، وعمالة أكادير إداوتنان، والمصالح الجهوية للمحافظة العقارية، عبّروا عن استيائهم من ما وصفوه بـ“إجراءات معقدة وتعجيزية”. وأوضحوا أن التعامل مع العقار محل النزاع كما لو أنه “أرض بيضاء” يتجاهل واقعاً قائماً، يتمثل في وجود أحياء سكنية متكاملة التجهيزات الأساسية من ماء وكهرباء، ولم يتبق سوى استكمال الصرف الصحي وتزفيت الأزقة.
خبراء قانونيون يؤكدون أن قيمة الأحكام القضائية لا تكمن فقط في صدورها، بل في تنفيذها على أرض الواقع. وأي تماطل أو تعطيل يهدد مبدأ الأمن القانوني ويضعف ثقة المواطنين والمستثمرين على حد سواء، خصوصاً في جهة تراهن على الاستثمار السياحي والعقاري كقاطرة للتنمية.
ويرى متتبعون أن القضاء المغربي قام بدوره كاملاً بإصدار أحكام قطعية لا تقبل أي تأويل، وأن الكرة الآن في ملعب الجهات الإدارية، وعلى رأسها الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية ووزارة الداخلية، لضمان التنفيذ الفعلي لهذه القرارات. فالقضاء ليس مجرد مؤسسة لإصدار الأحكام، بل سلطة دستورية تستوجب الاحترام والتنفيذ الفوري.
في هذا السياق، وجه المتضررون وفعاليات حقوقية محلية نداءً عاجلاً إلى وزارة العدل والجهات الوصية، للتدخل الحازم من أجل تطبيق الأحكام النهائية، انسجاماً مع التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى ترسيخ دولة الحق والقانون وصون حقوق المواطنين.
ويؤكد المتضررون أن استمرار هذا الملف في حالة “تعليق إداري” رغم وضوح المسار القضائي، لم يعد مجرد نزاع عقاري محدود، بل قضية ترتبط بمصداقية الدولة في حماية الأمن العقاري، وضمان استقرار مناخ الاستثمار، واحترام سلطة القضاء وهيبته.