وزارة الداخلية تكشف شبكات التعويضات الوهمية للمنتخبين: نزاهة التدبير الترابي على المحك
ن عمر بالكوجا أكادير
دخلت وزارة الداخلية على خط ملفات مثيرة للجدل تورط فيها عدد من رؤساء المجالس الجهوية والإقليمية والمحلية، بعد أن كشفت التحقيقات الأولية حجم التجاوزات المتعلقة بصرف المال العام وتوظيفه في استمالة المنتخبين وضمان ولاءاتهم خلال جلسات حاسمة. مصادر متابعة للشأن المحلي وصفت القضية بـ”القنبلة الموقوتة”، لافتة إلى أن هذه الممارسات تهدد مصداقية المؤسسات المنتخبة وتطرح تساؤلات جدية حول نزاهة التدبير الترابي.
التعويضات المالية والإنفاق غير القانونية حيث أظهرت المعطيات أن بعض المسؤولين اعتمدوا على أساليب مشبوهة لاستمالة مستشارين نافذين، عبر منح تعويضات مالية ضخمة تحت غطاء مهام صورية، حيث يتلقى المستشارون المحليون والجهويون مبالغ شهرية تتراوح بين 10 آلاف و20 ألف درهم، دون أي عمل فعلي يبرر هذه المبالغ. وفي المقابل، تم تسجيل نفقات باهظة على حجوزات فندقية وكراءات سيارات فخمة بدعوى “تأمين التنقل والإيواء”، لكنها في الواقع كانت جزءًا من شبكة لضمان تمرير مشاريع مالية وتنموية ضخمة خلال جلسات استثنائية.
كما رصدت التحقيقات وجود شبكة منظمة للتلاعب في فواتير الفنادق والطعام وتنظيم الحفلات والأيام الدراسية، ما سمح لبعض المنتخبين الكبار، من بينهم برلمانيون وأرباب مقاولات، بجني أرباح شخصية، في وقت تعاني فيه جماعات محلية من عجز مالي ينعكس سلبًا على الخدمات الأساسية للمواطنين.
استجابت وزارة الداخلية لهذه التجاوزات بإرسال لجان مركزية إلى مختلف الجهات والأقاليم المعنية، حيث باشرت افتحاصًا دقيقًا لملفات التعويضات المشبوهة، مع التركيز على الحالات التي وردت بشأنها شكايات رسمية من أعضاء غاضبين رفضوا الصمت أمام ما اعتبروه “نهبًا منظّمًا للمال العام”.
تهرب ضريبي واستغلال نفوذ انتخابي ، بالإضافة إلى ذلك، كشفت التحقيقات عن حالات تهرب عدد من المنتخبين من أداء المستحقات الجبائية للجماعات التي ينتمون إليها، وهو ما دفع العمال ومسؤولي التحصيل الجبائي لعقد اجتماعات مستمرة مع رؤساء الجماعات لتسريع استرجاع الديون، سواء عبر الطرق الودية أو القانونية.
باحثون في الشأن السياسي المحلي يؤكدون أن هذه الملفات تكشف عمق الأزمة التي تعيشها الديمقراطية التمثيلية على المستوى الترابي، حيث يتحول المنتخب أحيانًا من ممثل لمصالح المواطنين إلى حلقة في شبكة مصالح شخصية وانتخابية. على المستوى الاجتماعي، تعكس هذه الممارسات ضعف الخدمات الأساسية في المناطق المتضررة، مما يولّد استياءً متناميًا بين المواطنين ويدفع البعض إلى العزوف عن المشاركة السياسية.
مع استمرار التحقيقات، يترقب الرأي العام نتائج هذه الملفات، خصوصًا مع احتمال إحالة قضايا ثقيلة على القضاء بعد استكمال المساطر، في خطوة قد تشكل لحظة فارقة في محاربة الفساد المحلي، لكنها قد تفتح أيضًا الباب أمام صراعات سياسية وقضائية غير مسبوقة.
الرهان الأكبر يبقى على قدرة المؤسسات على الحد من ممارسات الريع السياسي وترسيخ ثقافة الحكامة الجيدة، لضمان أن يصبح المال العام أداة لتنمية المجتمعات وليس مصدرًا لاستغلال النفوذ الشخصي.