سعيدة شرف واتهامات بسرقة التراث الموريتاني: جدل يتجدد حول الملكية الفنية لأغاني شعبية أصيلة
ن : عمر بالكوجا أكادير
أثار حضور المغنية المغربية سعيدة شرف في عدد من الحفلات والمهرجانات، ومواصلتها أداء أغانٍ تنتمي للتراث الموريتاني، موجة من الانتقادات والاتهامات، خاصة بعد تصريحات إعلامية نسبَت خلالها لنفسها ملكية عدد من الأغاني الشعبية المعروفة التي تعود لمغنين موريتانيين مخضرمين.
من أبرز هذه الأغاني:
“حبيبي حبيتو”، وهي في الأصل للمغنية المعلومة منت الميداح
“انبط المجاري” للمغنية الراحلة ديمي بنت آبا
“أمانا يامانا” للمغني الشيخ ولد البيظ
“باش وعلاش” من فن بنجة الموريتاني
“يابنت العرب” للمغنية زينب بنت بوساق
“كاني مانبغيك”، وهي من طور “توره” الصحراوي بصوت أعلى سيدح
“كوت أريامو كاملات” للمغني الحضرامي ولد الميداح
هذه الاتهامات لم تقف فقط عند حد الأداء أو الاستلهام، بل تجاوزتها إلى ما اعتبره مثقفون ومتابعون مهتمون بالشأن الثقافي في موريتانيا “سطوا مباشرا” على هوية أغاني ضاربة في عمق الذاكرة الشعبية، ومحاولة إعادة تسويقها ضمن قالب مغربي خالص، وهو ما يعد – بحسبهم – “طمسًا ممنهجًا لتراث غير مغربي”.
ورغم أن الاقتباس أو إعادة غناء التراث ليس أمرًا جديدًا في الساحة الفنية العربية، فإن ما يثير الجدل في حالة سعيدة شرف، هو تكرار ادعائها في عدد من المقابلات التلفزيونية أن هذه الأغاني من إنتاجها أو جزء من ريبرتوارها الشخصي، دون أي إحالة إلى أصحابها الأصليين أو توضيح السياق الثقافي والجغرافي الذي تنتمي إليه هذه الأعمال.
وما يزيد من حساسية الموضوع هو بث هذه الأغاني عبر قنوات مغربية رسمية وجهوية، وخصوصًا في أقاليم الجنوب، حيث تُنسب الأغاني إلى “الفن الحساني المغربي” دون أي إشارة لموريتانيا، مما اعتبره بعض المدونين نوعًا من المصادرة الثقافية وتشويشًا على التراث الحساني المشترك بين الشعوب.
ويقول مدوّنون إن سعيدة شرف تُقدَّم في عدد من الحفلات والولائم داخل المغرب كمغنية “أصل” وليست “تقليد”، وهو ما يخلق خلطًا لدى فئة واسعة من الجمهور، خاصة من فئة المراهقين والشباب في المناطق الصحراوية، الذين يعتقدون أن هذه الأغاني مغربية خالصة.
في المقابل، دعا مثقفون موريتانيون إلى تحرك من وزارة الثقافة الموريتانية وهيئات حقوق المؤلف، لضمان حماية الإرث الشفهي والفني الوطني من محاولات “السطو الفني”، مطالبين أيضًا النخبة الإعلامية والفنية في المغرب بتصحيح المفاهيم واحترام الأصل عند الأداء.
من جهته، لا يزال الوسط الفني المغربي يلتزم الصمت حيال هذه الاتهامات، في غياب أي رد رسمي من سعيدة شرف أو توضيح منها للرأي العام بخصوص هذه الأعمال المثيرة للجدل.
ويبقى السؤال المطروح: إلى متى سيبقى التراث المشترك ضحية للخلط والتأويلات، في غياب قوانين صارمة تحمي الهوية الفنية لكل شعب؟