واد سوس : زيت مغربي أصيل في مرمى حملة مشبوهة تستهدف سمعة المقاولات الوطنية
منذ أكثر من سبعة عقود، تشكّل شركة “واد سوس” الأمازيغية رمزًا من رموز الريادة الوطنية في إنتاج زيت الزيتون المغربي الأصيل. فمنذ تأسيسها في أربعينيات القرن الماضي على يد المقاول الراحل بلحسن، أحد أبناء قبيلة آيت عبدالله بالأطلس الصغير، سارت هذه المقاولة العائلية بخطى ثابتة، معتمدة على الجودة، والنزاهة، والعمل الجاد، بعيدًا عن أي دعم سياسي أو امتياز ريعي.
لكن رغم هذا الإرث العريق والسمعة التي راكمتها في السوقين الوطنية والدولية، وجدت “واد سوس” نفسها مؤخرًا في قلب حملة إعلامية مغرضة حاولت التشكيك في مصداقيتها، بعد تداول أخبار تفيد بإرجاع شحنة من زيت الزيتون من إحدى الدول الأوروبية، وهي رواية اتضح لاحقًا أنها غير دقيقة ومبنية على تأويلات مشبوهة.
توضيحات رسمية تكشف الحقيقة
المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) تدخّل سريعًا لتوضيح ملابسات القضية، مؤكدًا في بيان رسمي نشر بتاريخ 8 نونبر الجاري عبر عدد من وسائل الإعلام الوطنية، أن السحب الذي قامت به الوكالة الفيدرالية لسلامة السلسلة الغذائية ببلجيكا سنة 2024 لم يكن بسبب أي مشكل صحي أو تقني، بل نتيجة نقص في بعض البيانات الإدارية على الملصق الخارجي، مثل رقم الحصة وتاريخ انتهاء الصلاحية، وهو ما يدخل في إطار إجراءات التتبع الإداري فقط.
وأضافت “أونسا” أن التحقيقات التي جرت داخل وحدة الإنتاج المغربية المعنية أكدت مطابقة زيت “واد سوس” لكل المعايير الوطنية والدولية المرتبطة بالجودة والسلامة الغذائية، مشيرة إلى أن المنتوج سليم تمامًا ولا يشكل أي خطر على صحة المستهلكين.
لوبيات خفية ومحاولات استهداف ممنهج
مصادر مقربة من القطاع الفلاحي أشارت إلى أن ما تتعرض له “واد سوس” ليس سوى حلقة جديدة من محاولات التشويش على المقاولات المغربية الناجحة، خصوصًا تلك المنحدرة من الجهات الأمازيغية المنتجة التي استطاعت بجهود ذاتية أن تفرض نفسها في الأسواق الداخلية والخارجية.
ويبدو أن وراء هذه الحملة أيادٍ خفية ولوبيات تجارية تسعى إلى ضرب الثقة في المنتوج المغربي، خدمةً لمنافسين يسعون إلى إضعاف العلامات الوطنية ذات الحضور القوي في السوق الأوروبية. فشركة “واد سوس”، التي راكمت خبرة تتجاوز السبعين عامًا في استخلاص الزيت من أجود أشجار الزيتون، أصبحت علامة تجارية مرموقة توازي كبريات الشركات في الجودة والنكهة والالتزام بمعايير السلامة.
إرث عائلي وصورة مقاولة مواطنة
بفضل قيمها المتوارثة عبر الأجيال، تُمثل “واد سوس” نموذجًا للمقاولة المواطنة التي لم تبنِ مجدها على الامتيازات أو الريع، بل على الإخلاص في العمل والالتزام الأخلاقي مع المستهلك المغربي. فالمؤسس “بلحسن” لم يكن مجرد رجل أعمال، بل كان رمزًا للعطاء والكرم والمواطنة الاقتصادية، دعم التعليم في المناطق الجبلية وساهم في مبادرات اجتماعية لصالح العالم القروي.
ورغم الضجيج الإعلامي المصطنع الذي رافق الواقعة الأخيرة، لا تزال ثقة المستهلكين المغاربة راسخة في هذا المنتوج الذي يختزل نكهة سوس وتراثها الزراعي الأصيل. فزيت “واد سوس” لا يُعتبر فقط مادة غذائية، بل جزءًا من الهوية الثقافية والغذائية المغربية التي تقاوم التشويه والتضليل.
دعوة إلى حماية المقاولات الوطنية من الحملات الممنهجة
تُعيد هذه الواقعة النقاش حول ضرورة تعزيز حماية السمعة التجارية للمقاولات المغربية أمام ما يمكن وصفه بـ”الاستهداف الإعلامي الموجَّه”، خصوصًا حين يتعلق الأمر بعلامات وطنية ناجحة ومؤثرة.
كما تبرز الحاجة إلى تطوير قنوات تواصل فعالة بين المؤسسات المنتجة والهيئات الرقابية والإعلام الوطني، من أجل التصدي السريع لأي مغالطات أو حملات تضليل قد تضر بالاقتصاد الوطني وبثقة المستهلكين في المنتوج المغربي.



































