مدينة إنزكان.. ملف عقاري يهز الثقة في المؤسسات تحت أعين وزارة الداخلية

Imou Media9 سبتمبر 2025
مدينة إنزكان.. ملف عقاري يهز الثقة في المؤسسات تحت أعين وزارة الداخلية

مدينة إنزكان.. ملف عقاري يهز الثقة في المؤسسات تحت أعين وزارة
الداخلية

ن عمر بالكوجا أكادير

في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات المطالبة بالقطع مع اقتصاد الريع واستغلال النفوذ، انفجرت بمدينة إنزكان فضيحة عقارية تكشف حجم التلاعبات التي يمكن أن تطال المرفق العمومي حين تختلط المصالح العائلية بالمناصب الإدارية النافذة.

القضية تتعلق بعقار ضخم مساحته 4671 متر مربع (الملف العقاري رقم 60/18834)، كان مخصصًا لبناء مؤسسة تعليمية، قبل أن يتحول بشكل مثير للجدل إلى مشروع تجاري تحت اسم “Arena Center”.

رحلة مثيرة للريبة

المعطيات الدقيقة تكشف أن شركة العمران سوس ماسة فوتت العقار في دجنبر 2017 بثمن 2.335.500 درهم فقط لشركة TISLIT SAKAN التي يمثلها (ر.ب)، وهو فاعل عقاري معروف. المثير أن التفويت تم دون أي تعديل للتصنيف القانوني للعقار، ما يعني أنه كان لا يزال مرفقًا عموميا تعليميا على الورق.

بعد خمس سنوات، وفي مارس 2023، قامت الشركة نفسها ببيعه بثمن يفوق 14 مليون درهم لشركة حديثة التأسيس تحمل اسم 3D SAKANE. المفارقة أن مالكي الشركة الجديدة هما (س.أ) زوجة (ر.ب)، و**(م.أ)** زوجة مسؤول ترابي بعمالة إنزكان أيت ملول.

تضارب مصالح صارخ

وجود أسماء عائلية مرتبطة بمسؤول ترابي مباشر داخل المشروع يضع الملف برمته في خانة تضارب المصالح واستغلال النفوذ. فكيف يُعقل أن يتحول عقار مخصص للتعليم إلى مركز تجاري، ثم يُمنح ترخيص بناء (CIG/6917/2023) بعد أسابيع قليلة من تعديل تصميم التهيئة بشكل مفاجئ لصالح المستثمرين الجدد؟

الأخطر من ذلك أن المشروع، الذي يضم مركزًا تجاريًا ومرافق طبية ومركز أعمال من خمسة طوابق، جرد مدينة إنزكان من مؤسسة تعليمية كانت ستخدم آلاف الأسر، لصالح مصالح ضيقة وأرباح مضاعفة.

نمط متكرر لا استثناء

القضية ليست معزولة، بل تكشف عن منهجية ممنهجة استُعملت سابقًا من طرف (ر.ب) في ملف آخر يخص شركة BASTIF بمدينة أيت ملول، حيث تم الاستيلاء على عقار مخصص للمرافق العمومية وتحويله إلى مشروع سكني وتجاري. هذا التكرار يعزز فرضية وجود شبكة مصالح تستغل ثغرات التعمير والعلاقات الإدارية النافذة.

وزارة الداخلية على المحك

اليوم، الملف أصبح تحت أعين وزارة الداخلية، المسؤولة دستوريًا عن مراقبة الجماعات الترابية، التعمير، ورخص البناء. وهنا يطرح السؤال:

هل ستفتح الوزارة تحقيقًا معمقًا يكشف خيوط هذه الصفقة المشبوهة؟

وهل ستتم محاسبة الأطراف المتورطة، مهما كانت مواقعها أو قرابتها من المسؤولين؟

الثقة في المرفق العمومي على المحك

إن خطورة ما وقع لا تكمن فقط في فقدان عقار تعليمي لصالح مشروع تجاري، بل في إرسال رسالة سلبية للمواطن بأن القوانين تُفصل على المقاس، وأن النفوذ العائلي قادر على ليّ ذراع المؤسسات.

ولعل ما ظهر في ملف العقار رقم 60/18834 ليس سوى غيض من فيض، فهناك ملفات أخرى أكثر خطورة يُتوقع أن تنفجر في قادم الأيام، ما سيكشف حجم الفساد المستشري في تدبير العقار العمومي واستغلال النفوذ.

إن إعادة الاعتبار لمبدأ الشفافية والعدالة في التدبير العقاري يمر عبر فتح ملفات TISLIT SAKAN و3D SAKANE وBASTIF، ومساءلة كل من ساهم في هذه التلاعبات. فالمسألة لم تعد قضية عقار وحسب، بل قضية هيبة دولة وثقة مجتمع.

الكرة الآن بيد وزارة الداخلية والقضاء: فإما أن يتعاملوا مع الملف بحزم وجرأة تعيد الثقة إلى المؤسسات، أو أن يظل مجرد شاهد إضافي على عجزها أمام نفوذ المصالح الخاصة. وفي انتظار مستجدات التحقيق، لنا عودة بالمعطيات.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.