مداهمات جمركية بسوق “القريعة” تكشف شبكات سرية لترويج الملابس المقلدة في قلب الدار البيضاء
في خطوة حازمة لمكافحة ترويج العلامات التجارية المقلدة، داهمت فرقة مراقبة خاصة تابعة للمديرية الجهوية للجمارك بجهة الدار البيضاء-سطات، مؤخراً، نقطاً لترويج الملابس الجاهزة المقلدة داخل سوق “القريعة” الشهير بالعاصمة الاقتصادية، مستندة إلى معلومات دقيقة وشكايات من علامات تجارية عالمية.
التدخل المفاجئ خلّف حالة من الهلع وسط عدد من التجار، حيث عمد البعض إلى الفرار وترك محلاتهم مفتوحة. لكن، وعلى الرغم من الطابع الاستعجالي للعملية، لم تُسفر المداهمة عن حجز أو تغريم لصاحب المحل المستهدف، الذي قدم فواتير شراء قانونية لكمية محدودة من السلع المستوردة من فرنسا عبر الشحن.
ووفق مصادر عليمة، فإن هذه العملية تندرج ضمن تحرك واسع يهدف إلى ضرب شبكات ترويج السلع المقلدة، التي تنشط في مناطق مثل درب السلطان والمعاريف ووسط المدينة، وتستمد قوتها من “بارونات” يعتمدون على التصنيع السري داخل وحدات غير مرخصة منتشرة في أحياء كـ”بين المدون” و”عين الشق” و”البركة” و”سيدي مومن”، إضافة إلى ضواحي بوسكورة وتيط مليل.
وتعتمد هذه الوحدات السرية على أثواب مستوردة قانونياً، تتم إعادة تدويرها لإنتاج ملابس تحمل شعارات علامات عالمية مقلدة، مستهدفة أسواقا وفضاءات تجارية كبرى، ومتاجر رقمية تنشط عبر منصات “تيك توك” و”إنستغرام”، حيث تُعرض السلع على أنها أصلية بأسعار منخفضة نسبياً.
وكشفت التحريات عن تورط أيادٍ عاملة تشتغل في وحدات صناعية رسمية بمنطقة مولاي رشيد، لصالح هذه الشبكات غير القانونية، ما يطرح تساؤلات حول سبل تسريب نماذج الإنتاج ومواد التصنيع.
الإدارة العامة للجمارك كشفت أن عدد السلع المقلدة التي تم حجزها خلال سنة واحدة فقط بلغ أزيد من 2 مليون وحدة، بقيمة تُناهز 19.9 مليون درهم، في حين سجلت المصالح الجمركية تراجعاً طفيفاً في عدد الطلبات المقدمة من قبل الشركات لوقف تداول السلع المزيفة، والتي بلغت 622 طلباً.
هذه الحملة الأخيرة استندت إلى تحليلات ومعطيات وفرتها الفرقة الوطنية للجمارك، في إطار مخطط شامل لتجفيف منابع التهريب، والذي يشمل رصداً دقيقاً للأنشطة التجارية الرقمية، بعد تلقي الإدارة شكايات متعددة من علامات تجارية دولية تتعرض منتوجاتها للقرصنة.
التحرك الجمركي الأخير ينذر بمرحلة أكثر صرامة في التعامل مع سوق الملابس المقلدة، في ظل تصاعد مبيعاتها عبر الإنترنت، ما يفرض على مختلف الفاعلين في القطاع تكثيف التنسيق لوقف هذا النزيف الذي يمس بالاقتصاد الوطني وبحقوق الشركات المبتكرة.
