كيف يمكن إدارة مياه الأمطار في المناطق الحضرية بالمغرب بدل ضياعها في البحر ؟
يتساءل الكثير من المغاربة عن إمكانية تخزين مياه الأمطار التي تتدفق بغزارة نحو البحر، خاصة في المدن الساحلية شمال البلاد التي تُعتبر الأكثر استقبالاً للتساقطات المطرية. هذه التساؤلات تتزايد مع مشاهدة السيول الغزيرة تتجه مباشرة نحو البحر عبر قنوات الصرف الصحي، مما يثير التساؤل حول إمكانية استغلال هذه الموارد المائية بشكل أفضل.
يأتي هذا النقاش في ظل الحديث المتزايد في المغرب عن الاستفادة من التجربة الألمانية في تدبير مياه الأمطار واستعمالها المنزلي. وتعمل السلطات على إعداد وتهيئة المباني السكنية لتتكيف مع التغيرات المناخية وتعتمد أساليب عقلانية في استهلاك الموارد المائية، حيث من المتوقع أن تبدأ تجارب هذه المبادرات في كل من طنجة ومراكش.
وفي هذا الصدد، يقول جلال ماهر، المهندس المدني، إن نظام الصرف الحضري يعد ضرورة أساسية لإدارة مياه الأمطار ومعالجتها في المدن، مشيراً إلى أهمية فهم كيفية عمل هذا النظام لتفادي الفيضانات وحماية البيئة في ظل تزايد التحضر.
وأوضح ماهر، في تصريح لإحدى المواقع الالكترونية، أن عملية الصرف الحضري تشمل جمع ونقل وإدارة مياه الأمطار عبر شبكة من الأنابيب والخنادق، حيث يتم توجيه المياه نحو أحواض احتفاظ أو مجاري طبيعية. وأكد أن الهدف الرئيسي من هذه العملية يكمن في منع الفيضانات وتحسين جودة المياه، مستعيناً بعناصر متعددة كخنادق العواصف وحواجز التحكم والسدود التلية.
كما أشار إلى إمكانية اعتماد شبكة من الأنابيب البلاستيكية ذات أقطار مختلفة حسب أهمية المواقع، مع وجود فتحات في نصفها العلوي تغطى بأحجار تسمح بتدفق المياه دون انسداد، ليتم توجيهها نحو مصارف رئيسية ثم التجميع، مما يساهم في تقليل فقدان المياه.
في المقابل، يرى بعض الخبراء أن جريان مياه الأمطار نحو البحر له فوائد بيئية مهمة. ويعتبر أحمد الطلحي، الخبير في البيئة والتنمية، أن تدفق المياه إلى البحر يسهم في الحفاظ على التوازن البيئي والإيكولوجي، كما يغني الفرشة المائية ويعزز الثروة السمكية.
وأوضح الطلحي أن المياه التي تصل إلى البحر تساهم في تنشيط الصيد الساحلي، حيث تحمل معها بقايا النباتات والأتربة التي تشكل غذاءً للأسماك الساحلية، مما يدعم التنوع البيولوجي في المياه المغربية. وأضاف أن جريان المياه في الأودية والسواقي يساعد في تغذية الفرشة المائية الجوفية، بينما احتجازها قد يحصر الفائدة في مناطق محدودة ويضر بتوازن الفرشات المائية عبر البلاد.
يظل الجدل قائماً بين ضرورة استغلال مياه الأمطار في مواجهة ندرة الموارد المائية وبين الحفاظ على التوازن البيئي الطبيعي الذي تسهم فيه هذه المياه عند وصولها إلى البحر. وبين هذا وذاك، يبقى السؤال مطروحاً: هل يمكن تحقيق توازن بين الاستفادة من مياه الأمطار وحماية البيئة البحرية؟.