فعاليات أمازيغية : الإحصاء يعاكس الهوية الأصلية .. وعناد الحليمي “إيديولوجي”

Imou Media31 أغسطس 2024
فعاليات أمازيغية : الإحصاء يعاكس الهوية الأصلية .. وعناد الحليمي “إيديولوجي”

فعاليات أمازيغية: الإحصاء يعاكس الهوية الأصلية .. وعناد الحليمي “إيديولوجي”

أغضبت التصريحات التي أدلى بها أحمد الحليمي علمي، المندوب السامي للتخطيط، خلال الندوة الصحافية المخصصة للإعلان الرسمي عن انطلاق إنجاز الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024، فعاليات أمازيغية، لم توقف عملية تحرير تدوينات وبيانات تنديدية، احتجاجا على قوله إن “الإحصاء يعتمد اللغة الأصلية؛ لأننا نحن لا ننجز إحصاء إثنيَ أو قَبَلِي الطابع مثل الهند أو أمريكا، لأن الكل مغاربة”.

الحليمي بيّن وهو يتحدث ضمن الندوة أن المستجد في إحصاء 2024 هو إضافة معطى الحديث باللغة الأم لمعرفة مدى توزيعها وانتشارها فوق التراب الوطني ومن حيث توطين الساكنة جغرافيا… لافتا إلى أن “السؤال عن أصل الفرد من حيث قبيلته لا يمكن طرحُه نظرا لاختلاط أصول القبائل وتداخُلها”؛ وهو الأمر الذي أقلق المتحركين في “العمل الأمازيغي”، خوفا من “تكرار نفس سيناريو إحصاء 2014، الذي عد الأمازيغ أقلية”، بتعبيرهم.

ولم يقبل “إيمازيغن” ما دفع به المندوب السامي للتخطيط، معتبرين إياه “تفكيرا كولونياليا جديدا”، خصوصا كشفه “اختيار المراقبين والباحثين على أساس استيعابهم لمعطيات الاستمارة والمفاهيم التي تتضمنها والمصطلحات المستعملة فيها؛ ولكن أيضا على قدرتهم على التواصل، بما فيها أننا وظفنا أناسا باحثين يتحدثون الأمازيغية في المناطق التي تتكلم لهجات هذه اللغة الوطنية المعتمدة في منهجيتنا للإحصاء هذه السنة”.

“الإحصاء والتحيين”
مصطفى القادري، فاعل أمازيغي وأستاذ تاريخ المغرب المعاصر بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن “الوضع يبدو في حاجة إلى تحيين لتصحيح الفهم الذي ترسب عن الاستعمار بشكليه الفرنسي والقومي لاحقا”، مبرزا أن “إيمازيغن أنفسهم لا يطالبون بإحصاء قبلي أو إثني الطابع بقدر ما يطالبون بحقيقة المجتمع المغربي وبهويته الأصلية بعيدا عن كل أشكال التصدع المنتشرة”.

وأورد القادري، في تصريحه لهسبريس، أن “الحليمي من حقه أن تكون لديه تصورات لا نقبلها؛ ولكن كمسؤول في مؤسسة دستورية مكلفة بتنفيذ السياسات، ينبغي ألا يتجاهل الفصل الخامس من وثيقة 2011″، مذكرا أيضا بـ”وجود قناعة مثبتة تاريخيا وأركيولوجيا بأن الهوية الأصلية للمغاربة هي الأمازيغية. وبالتالي، لا يستطيع إحصاء يُجرى كل 10 سنوات أن يفند حقائق معروفة”.

وفي هذا الاتجاه، بيّن الأستاذ الجامعي المتخصص في تاريخ المغرب المعاصر أن “العملية السيادية التي نحن مقبلون عليها من شأنها أن توضح المناطق التي تنتعش فيها اللغة الأمازيغية، وكذلك الذين حافظوا على الحديث بـ’تمازيغت’ وأيضا الذين تدرجوا؛ فاللغات الدستورية معروفة، وهي العربية والأمازيغية”، معتبرا أن “قول الحليمي بأنه تم توظيف ناطقين بالأمازيغية لفائدة المناطق التي تنتشر فيها كل لكنة معينة فهذا في حد ذاته خطيئة، لأن المدن الكبرى تفيض بتمازيغت”.

وعلى سبيل التوضيح، سجل مؤلف كتاب “وطنية باحتقار الذات” أن وضع خريطة للإحصاء من هذا النوع من شأنه أن يكرس النظر إلى الأمازيغية على أنها تنتشر في المداشر والقرى والمدن الصغرى، أو في الكهوف والمغاور”، مشددا على أن “هذه هي عينها الأفكار التي أصر الاستعمار على تركها بيننا، ويبدو أنه نجح في الأمر بما أن هناك مسؤولين يتبنونها صريحا أو ضمنيا”.

وقال الفاعل الأمازيغي إن “الدارجة غير معنية بالدستور، وإلحاقها باللغة العربية هو من بنات الفكر الاستعماري أيضا، ضمن ما كان يسمى خطاب الثنائيات. ومن السخف أن يتواصل هذا التفكير بيننا كمغاربة، رغم النقد المعرفي الحاد الذي كيل لهذه الخدعة الأكاديمية”، مستفسرا المندوب السامي للتخطيط: “ماذا تعني طنجة والكويرة ووجدة؟ وفي أية لغة توجد؛ فالتفسير يكفي ليفند أي افتراض يسبق العملية برمتها”.

“العناد الإيديولوجي”
المندوب السامي للتخطيط أبرز، في الندوة المنعقدة الخميس، أن “اللغة الأمازيغية بأهم لهجاتها (تشلحيت وتاريفيت…) متضمنة ضمن الاستمارة التي يعتمدها الإحصائيون”، معتبرا أنه “سيتم سؤال الأسر والأفراد: “هل تتكلم لهجة محلية خاصة؟”.

وهو ما علق عليه عبد الواحد درويش، فاعل أمازيغي رئيس مؤسسة درعة تافيلالت للعيش المشترك، قائلا إنه يكشف أن “النظرة الكولونيالية حاضرة في الإحصاء، وكأن الأمازيغ ينحصرون في مناطق جغرافية محدودة، ومندوبية التخطيط تتفادى الخوض في حقيقة أن أكبر مدينة أمازيغية في شمال إفريقيا هي الدار البيضاء، وهناك دراسات جلة خُلاصاتها تكفي”.

استغرب درويش، ضمن تصريحه لهسبريس، من “هذه الفرضيات التي تنطلق منها عملية إحصاء السكان والسكنى؛ والتي ستجعل الدولة في مأزق، فهي لن تضمن التطابق بين النتائج مع تصورات النموذج التنموي الجديد”، موضحا أن النتائج ستصب في مسار الجواب عن فرضيات وضعت بشكل تقزيمي في المنطلق. ومن ثم، لا يمكن البحث عن مخرجات منصفة على اعتبار أنه (من الخيمة خرج مايل)”.

وشدد درويش على أن “هذا الإصرار على تغييب الأمازيغية في ندوة الإحصاء عناد إيديولوجي، وهو يبعث رسائل واضحة إلى من يهمهم الأمر؛ وهو أن الحقوق اللغوية والثقافية ستشهد المزيد من التراجع على الأرض، وسيعتبر الأمازيغ أقلية مرة أخرى”، مضيفا أن “هذا سيؤثر كذلك على تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وسيفرغُ الجهود الرسمية من معناها العموم؛ فيمكن أن نسمع بأن المتحدثين بتمازيغت يشكلون نسبة صغيرة ولا حاجة إلى تدريسها”.

واقترح المتحدث “إعادة النظر بشكل مستعجل في هذه السياسة التي سيجرى بها الإحصاء العام للسكان والسكنى، بالنظر إلى هذا الجدل الذي تثيره. وهذا من أجل الاستدراك وتفادي الخروج بخلاصات ستغذي الشعور السائد لدى إيمازيغن بأن الدولة صارت تندم على المكتسبات التي حققتها في حقل الأمازيغية”، منبها إلى أن “الإحصاء يجب أن يفرق بين التنمية وبين النمو، حتى يعالج موضوع الهوية ليس على أساس قبلي بل موضوعي”.

وفند رئيس مؤسسة درعة تافيلالت للعيش المشترك ما هو رائج بخصوص حضور عنصر القبيلة في العمل الأمازيغي، مؤكدا أن “النضال من أجل الهوية في معناها المنفتح لم يسمح قط بتسرب مفعول التعصب أو العرق؛ فمنذ الجامعة الصيفية بأكادير وبداية التحرك الأمازيغي كان المنطلق هو التنوع في إطار الوحدة”، خالصا إلى أن “الدفاع عن الأمازيغية في الإحصاء وعن إيمازيغن هو دفاع عن الوحدة، ولمساعدة الدولة من أجل إيجاد حلول”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.