عيد العرش … 25 سنة من التنمية لتعزيز التنافسية الاقتصادية للمملكة
يخلد المغرب في الـ30 من شهر يوليوز لكل سنة ذكرى اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه المنعمين، وهي مناسبة لتسليط الضوء على أهم الإنجازات الاقتصادية التي حققتها المملكة خلال 25 سنة من حكم جلالة الملك والهادفة لتحسين مستوى معيشة المغاربة وتقوية التنافسية الاقتصادية للمملكة.
قطار فائق السرعة، الطريق السريع تزنيت-الداخلة، ميناء طنجة المتوسط، مشروع ميناء الداخلة، بنيات تحتية متطورة، تطوير شبكة الطرق السيارة، وتعزيز صناعة السيارات، مشاريع وغيرها شهدت تطورا ملحوظا في سنوات قليلة تنفيذا للتعليمات الملكية السامية الرامية لتحفيز الاستثمار بالمغرب وتحسين جاذبيته.
تعزيز السياحة والنمو الاقتصادي
وقد ساهم خط القطار فائق السرعة الرابط بين الدار البيضاء وطنجة في تحقيق زيادة مهمة في أعداد المسافرين، وتعزيز السياحة والنمو الاقتصادي في المدينتين، بالإضافة إلى تحفيز الاستثمارات.
كما حققت المملكة استثمارات مهمة في مجال البنية التحتية، بحيث تم في عام 2005، وضع خطة وطنية خاصة بشبكة السكك الحديدية فائقة السرعة، والتي عملت على تسريع نمو قطاع النقل.
وأصبح ميناء طنجة، ابتداء من سنة 2020، الأكبر في إفريقيا والمنفذ التجاري الأول للقارة السمراء، بحيث يهدف إلى دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة المغربية، خصوصا بعد إنشاء ميناء ثان يشكل امتدادا لميناء طنجة المتوسط الأول الذي انطلق سنة 2007.
وراهنت المملكة على هذا المشروع لتلبية الطلب المتزايد على حركة النقل البحري وجعل ميناء طنجة المتوسط أكبر ميناء للحاويات في البحر الأبيض المتوسط.
كما أكد جلالة الملك محمد السادس في خطابه السامي بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة، على أهمية ميناء الداخلة الأطلسي، الذي من شأنه تطوير قطاع الصيد البحري في الجهة، وتنمية المبادلات التجارية، بوصفه بوابة المملكة على المحيط الأطلسي والقارة الأمريكية.
دعم التنمية بالأقاليم الجنوبية
ويرتقب أن يساهم ميناء الداخلة الأطلسي في مواكبة وتعزيز الدينامية التنموية والطفرة الاقتصادية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية للمملكة في عدد من القطاعات من خلال تعزيز الرواج والتبادل التجاري، ودعم قطاع التشغيل، كما سيكتسي أهمية استراتيجية بالنسبة للقارة الإفريقية والعالم؛ من خلال استقطاب الفرص المستقبلية التي يوفرها قطاع النقل البحري.
واعتبرت ورقة بحثية لمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، أن مشروع تشييد ميناء الداخلة الأطلسي بمثابة خيار استراتيجي سيمكن المملكة من دعم التنمية بالصحراء المغربية من خلال تزويدها بأداة لوجستية حديثة قادرة على تعزيز الموارد السمكية في المنطقة من خلال تعزيز القطاع وتحسين قدرته التنافسية.
وتم تخصيص 12,4 مليار درهم لإنشاء مشروع ميناء الداخلة الأطلسي، حيث يرتقب انتهاء الأشغال به سنة 2028، وسيتم إنشاء الميناء بالمياه العميقة على الساحل الأطلسي لجهة الداخلة وادي الذهب، وفقا لثلاثة مكونات تتمثل في ميناء تجاري على عمق -16م / صفر هيدروغرافي، وميناء مخصص للصيد الساحلي وفي أعالي البحار، وميناء مخصص لصناعة السفن.
ومن بين المشاريع الكبرى التي تأتي في إطار النموذج الجديد للتنمية بالأقاليم الجنوبية للمملكة، تتسارع الأشغال لإنهاء العمل على أطول جسر بالمغرب؛ يتعلق بالطريق السريع تزنيت-الداخلة، بحيث بلغ التقدم الإجمالي لأشغال هذا المشروع الذي أعطى انطلاقته جلالة الملك، 98 في المائة، ويرتقب أن يكون هذا الطريق مفتوحا بشكل كامل أمام حركة المرور قبل نهاية السنة الجارية.
وسيكون لهذا المشروع، الذي تتجاوز تكلفته الإجمالية 9 ملايير درهم، وقْع مباشر على ساكنة المناطق الجنوبية للمملكة التي تفوق 2,2 مليون نسمة، من خلال تشجيع الاستثمارات العمومية والخاصة والمساهمة في تطوير المقاولات الوطنية وإنعاش التشغيل، إضافة إلى تحسين مؤشرات السلامة الطرقية وتقليص مدة وتكلفة السفر.
ويساهم هذا الورش الملكي الضخم في إحداث 2,5 مليون يوم عمل خلال فترة الإنجاز، و30 ألف يوم عمل مباشر سنويا بعد الإنجاز، و150 ألف يوم عمل غير مباشر سنويا بعد الإنجاز، كما سيساهم في ربط شمال المملكة بجنوبها، إضافة إلى ربط المغرب بعمقه الإفريقي.
تقوية البنى التحتية
وبالإضافة إلى مختلف المشاريع التنموية التي تم إطلاقها خلال الـ25 سنة الماضية، وضع المغرب استراتيجية وطنية من أجل تشجيع مناخ الأعمال وتسريع وتيرة التصنيع من خلال استراتيجية محكمة وذلك بهدف رفع حصة الصناعة في الناتج الداخلي الخام ودعم التنمية والتشغيل.
وفي هذا الإطار، يرى الأستاذ والباحث في قانون الأعمال والاقتصاد في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء بدر الزاهر الأزرق، أن النموذج الاقتصادي للمغرب في تطوره ونموه مدين للتوجهات الاستشرافية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، منذ توليه العرش بداية الألفية الثالثة.
وأبرز الأزرق، في تصريح لـSNRTnews، أن التوجه نحو تقوية البنى التحتية التي ارتقت بالمملكة المغربية ليتم تصنيفها ضمن الأربعين الأوائل على المستوى الدولي والعشرين الأوائل على المستوى المينائي، والتوجه نحو تقوية البنيات التحتية والاستثمار في العنصر البشري وتأهيله، والاستثمار في البحث العلمي، والعمل على خلق شراكات حقيقية مع عدد كبير من القوى الاقتصادية في أوروبا وأمريكا وداخل القارة الإفريقية، مكن المملكة من تعزيز جاذبيتها الاقتصادية وتعزيز التدفقات الاستثمارية نحوها.
كما مكنها من الحصول أيضا على جزء من التكنولوجيا اللازمة لتسريع الانتقال الاقتصادي للمغرب، بحيث تحول من اقتصاد كان يعتمد خلال فترة الثمانينات والتسعينات على الفلاحة والخدمات بالأساس، إلى اقتصاد تهيمن عليه الأنشطة الصناعية وتلك المرتبطة بالتكنولوجية والطاقات المتجددة.
تسريع الانتقال الاقتصادي
وأكد الأزرق أن هذه التوجهات الاستراتيجية لعبت دور المسرع للانتقال الاقتصادي للمملكة وساهمت بشكل كبير في إعطائها إشعاعا دوليا يمكن رصده من خلال الارتفاع المضطرد للاستثمارات الأجنبية في المملكة وارتفاع عدد الشركات الكبرى التي تستقر في المغرب وتعمل على تحويله إلى منصة للتصنيع وإعادة التصدير نحو الأسواق الكبرى في أوروبا وأمريكا وداخل القارة الإفريقية.
كما كان لهذا الإشعاع الاقتصادي، يضيف الباحث في قانون الأعمال والاقتصاد، دور في تعزيز الإشعاع الحضاري والدبلوماسي للمغرب، موضحا أن المملكة المغربية كقوة إقليمية صاعدة تمكنت من خلال البوابة الاقتصادية من تدعيم بقية البوابات الدبلوماسية وغيرها.
وأرجع الأزرق ذلك إلى التوجهات الاستراتيجية التي تبناها صاحب الجلالة الملك محمد السادس وأشرف عليها وواكبها، مبرزا أن المغرب في طور تجديد هذه الاستراتيجية عبر أوراش كبرى انخرطت فيها المملكة المغربية في مقدمتها ورش الحماية الاجتماعية وإصلاح منظومتي الصحة والتعليم وغيرها من الأوراش التي ستغير وجه المغرب وصورته الدولية خلال العقد القادم.