صفقة سيارات جهة سوس ماسة.. بين شبهة تضارب المصالح ومقتضيات الشفافية القانونية

Imou Media12 أكتوبر 2025
صفقة سيارات جهة سوس ماسة.. بين شبهة تضارب المصالح ومقتضيات الشفافية القانونية

صفقة سيارات جهة سوس ماسة.. بين شبهة تضارب المصالح ومقتضيات الشفافية القانونية

أثار قرار مجلس جهة سوس ماسة باقتناء أسطول جديد من السيارات الإدارية موجة من الجدل القانوني والسياسي، بعد تداول معطيات تشير إلى أن رئيس الجهة نفسه هو الممثل التجاري للعلامتين اللتين تم اختيارهما في الصفقة، وهما “سكودا” و”فولسفاكن” بمدينة أكادير.

الصفقة، التي شملت سيارات “سكودا” لفائدة الأطر الإدارية و”توّارك” الفاخرة للأعضاء، وُصفت بأنها غير منسجمة مع الأولويات التنموية للجهة، لاسيما في ظل التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تعرفها المنطقة.
غير أن البعد الأكثر حساسية في الموضوع يتمثل في الشق القانوني، المرتبط بما يُعرف في القوانين المغربية بـ تضارب المصالح داخل الهيئات المنتخبة.

الإطار القانوني: ماذا يقول القانون؟

وفقًا لأحكام القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، ولا سيما المادة 68 منه، فإن رئيس الجهة وأعضاءها ملزمون بالتصريح بالمصالح والأنشطة والعقود التي قد تضعهم في حالة تضارب مع مهامهم العمومية.
وتنص المادة نفسها على أنه “يمنع على الرئيس أو نائبه أو أعضاء المجلس أن يربطوا أي علاقة مالية أو تجارية أو مصلحية مع الجهة أو مؤسساتها”، تحت طائلة المساءلة القانونية والعزل وفقًا للمقتضيات التأديبية المنصوص عليها في القانون التنظيمي.

كما أن مدونة الصفقات العمومية (مرسوم رقم 2.22.431) تُلزم صاحب المشروع العمومي بتفادي أي وضعية يمكن أن تثير شبهة تضارب المصالح، وتمنح للسلطات الرقابية (المجلس الجهوي للحسابات، المفتشية العامة للمالية، الداخلية) صلاحية التدقيق في أصل الصفقات وظروفها.

تساؤلات مشروعة

بناء على ما سبق، يطرح المراقبون عدة أسئلة قانونية:

هل تم الإعلان عن الصفقة في إطار طلب عروض مفتوح؟

هل صرّح رئيس الجهة مسبقًا بمصالحه التجارية كما يفرض القانون التنظيمي؟

وهل تم تفويض توقيع الصفقة إلى نائب أو مدير المصالح لتفادي التضارب المحتمل؟

إن الإجابة عن هذه الأسئلة هي التي ستحدد مدى سلامة المسطرة من الناحية القانونية، أو ما إذا كان هناك إخلال بمبدأ الحياد وتنافي المصالح.

نحو ربط المسؤولية بالمحاسبة

في حال ثبت أن الصفقة تمت في ظروف لا تراعي مبدأ تكافؤ الفرص أو أن الرئيس استفاد منها بشكل مباشر أو غير مباشر، فقد يكون الأمر موضوع إحالة على هيئات المراقبة المالية، طبقًا لمقتضيات القانون رقم 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية، التي تتيح للمجلس الجهوي للحسابات التحقيق في أي شبهة سوء تدبير أو تضارب مصالح.

القضية لا تتعلق فقط باقتناء سيارات، بل تطرح سؤالًا جوهريًا حول حكامة المال العام على المستوى الجهوي، ومدى احترام المسؤولين المحليين لمقتضيات الشفافية والنزاهة التي فرضها دستور 2011، الذي جعل من ربط المسؤولية بالمحاسبة أحد أعمدته الأساسية.

ن عمر بالكوجا أكادير

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.