سعيد أمزازي بين الحقيقة والتجربة: إنصاف رجل الدولة بعيدًا عن لغة التهييج
بقلم: عمر بالكوجا أكادير
في خضم النقاشات الأخيرة حول أداء سعيد أمزازي، خاصة في ما يخص قطاع التعليم وحقوق المواطنين، نشرت بعض المنابر الإعلامية مقالات حاولت رسم صورة قاتمة عن الوالي، متهمة إياه بتجسيد “زمن الرصاص” وبضياع بوصلة التدبير. لكن من الضروري العودة إلى الحقائق وموازنة الأمور بموضوعية، بعيدًا عن لغة التهييج، لإنصاف رجل خدم الدولة من موقع أكاديمي وسياسي وإداري.
أمزازي ليس ابن القمع أو العنف، بل ابن الحوار والجامعة، وسيرته في الوزارة وقطاع التربية الوطنية شاهدة على مبادرات إصلاحية حقيقية، من بينها إخراج القانون الإطار للتربية والتكوين، وإطلاق برامج لتأهيل التكوين المهني، وتعزيز مكانة الجامعة المغربية على المستوى الدولي. الانتقادات لا تعفي أحدًا من المحاسبة، لكن ربط اسمه بزمن الرصاص أو اتهامه بـ“زرع الأزمات” في قطاع التعليم مبالغ فيه ولا يستند إلى معطيات دقيقة.
كما أن فترات الانقطاع بين مهام الوزير وتعيينه واليًا لا يمكن اعتبارها عيبًا أو سُبّة، بل هي فسحة مشروعة لاستعادة النشاط والتأمل، كما يحدث لأي موظف أو مسؤول بعد سنوات عمل متواصلة. العبرة ليست بالفراغ بين المهام، بل بما أنجزه الإنسان خلالها وبعدها.
في ما يخص قطاع الصحة ووقفة مستشفى الحسن الثاني، فإن الصور والشعارات التي انتشرت على نطاق واسع تثبت أن الحق في التعبير مكفول وأن الوالي لم يمنع الوقفة، بل حرص على سلميتها، ما يعكس احترامه للمواطنين وحقهم في التعبير السلمي.
إن شخصية أمزازي تتميز بالانفتاح على الحوار والتمسك بالشرعية المؤسساتية، وهو رجل مؤسسات يسعى لمصلحة عامة، بعيدًا عن النزعة الشخصية أو استعراض السلطة. النقد الموجه إليه يجب أن يكون مبنيًا على الوقائع، لا على التهويل أو التحوير، مع التأكيد أن مشاكل القطاعات مثل التعليم أو الصحة أكبر من شخص واحد، وتحتاج إلى جهد جماعي من الحكومة، البرلمان، والمجتمع المدني.
إنصافًا للحقيقة، سعيد أمزازي يظل نموذجًا لرجل دولة اجتهد في خدمة وطنه، سواء في الجامعة، الوزارة أو الولاية، وكرامته وأخلاقه المهنية تظل مرجعًا لزملائه وطلابه. النقاش الحقيقي يجب أن يركز على إصلاح المؤسسات والقطاعات، لا شيطنة الأشخاص.