حينما يغيب التواصل تبقى الإشاعات تملأ فراغ مجلس جهة سوس ماسة
ن عمر بالكوجا أكادير
يبدو أن مجلس جهة سوس ماسة ما يزال يفتقر إلى أبجديات التواصل المؤسساتي، إذ يراوح مكانه في دائرة الغياب والارتباك، في وقت لم يعد فيه هذا الورش ترفاً إدارياً، بل أصبح ضرورة استراتيجية لربط الجسور مع المواطنين والإعلام، وتحصين صورة المؤسسة من الإشاعة والتأويل.
وفي هذا السياق، يواجه المجلس انتقادات متزايدة بخصوص أدائه في هذا المجال، حيث يرى عدد من الفاعلين والمتتبعين أن الفريق المكلف بالتواصل لم يرقَ إلى مستوى التحديات المطروحة، في وقت باتت فيه صورة المؤسسات المنتخبة مرتبطة بشكل وثيق بقدرتها على الانفتاح والتفاعل مع الرأي العام.
ورغم أن المجلس يعلن بين الفينة والأخرى عن مشاريع وبرامج تنموية في مختلف المجالات، إلا أن حضوره الإعلامي يظل محتشماً مقارنة مع باقي جهات المملكة. فالمجهودات التواصلية لا تتجاوز نشر بيانات مقتضبة أو محتويات متفرقة على المنصات الرقمية الرسمية، دون وجود رؤية استراتيجية أو خطة متكاملة تُبرز الأوراش التنموية وتقرّب المعلومة من المواطنين.
ويُجمع مهتمون بالشأن المحلي على أن محدودية الأداء راجعة بالأساس إلى غياب التكوين والتأهيل الكافي لدى الفريق المسؤول عن التواصل، ما ينعكس سلباً على جودة المحتوى وبطء التفاعل مع النقاشات المجتمعية والإعلامية. هذا الضعف سمح بانتشار الإشاعات، كما حدث مؤخراً مع إشاعة اعتقال رئيس المجلس، التي لقيت انتشاراً واسعاً بسبب غياب رد سريع ورسمي يقطع الشك باليقين.
ويرى مراقبون أن الخلل القائم لا يقتصر فقط على “ضعف الموارد البشرية”، بل يمتد إلى غياب قناعة حقيقية لدى بعض المسؤولين بأهمية التواصل كأداة استراتيجية لبناء الثقة وتعزيز الشفافية. ففي زمن السرعة الرقمية، لم يعد مقبولاً أن يظل مجلس جهوي بحجم سوس ماسة رهين أسلوب تقليدي في التواصل.
ويؤكد خبراء أن الإصلاح يمر عبر إعادة هيكلة قسم التواصل بشكل جذري، وتعيين كفاءات متخصصة قادرة على صياغة رسائل واضحة، إدارة الأزمات الإعلامية، وتوظيف مختلف القنوات من صحافة مكتوبة وإلكترونية وإذاعات محلية، وصولاً إلى الوسائط الاجتماعية. كما يستدعي الأمر وضع استراتيجية شاملة تجعل من التواصل رافعة حقيقية للتنمية، وآلية لضمان انخراط المواطن في تتبع المشاريع والبرامج بدل ترك الفراغ الذي يغذيه التشكيك والإشاعة.
فالرهان اليوم لم يعد مقتصراً على إنجاز المشاريع، بل على كيفية إقناع الرأي العام بها، وهو ما يفرض على مجلس الجهة تجاوز منطق الصمت وردود الفعل المتأخرة، والانتقال إلى مرحلة المبادرة والتواصل الفعال الذي يعكس مكانة سوس ماسة كجهة استراتيجية في قلب المملكة.