حملة محاربة الفساد ترتقي لمستوى جديد.. مصادرة جوازات سفر واعتقالات بارزة تعكس جدية السلطات
ن : عمر بالكوجا أكادير
دخلت حملة محاربة الفساد في المغرب مرحلة متقدمة، بعدما أصدرت محاكم جرائم الأموال في الرباط–سلا–القنيطرة، وفاس–مكناس، ومراكش–آسفي، قرارات تقضي بمنع عدد من المنتخبين البارزين، بينهم برلمانيون ورؤساء مجالس محلية، من مغادرة التراب الوطني، ومصادرة جوازات سفرهم، على خلفية شبهات فساد وسوء تدبير وتبديد المال العام.
وفي خطوة لافتة، أودع رئيس المجلس الإقليمي لشفشاون سجن العرجات، في مؤشر يعكس جدية السلطات القضائية في متابعة ملفات الفساد المالي والإداري، والتصدي لأي محاولة للتهرب من المحاسبة.
وتجري التحقيقات الموسعة بإشراف الوكلاء العامين للملك، وتشمل مسؤولين في مؤسسات ووكالات مختلفة، مثل الوكالات الحضرية والمراكز الجهوية للاستثمار ومديريات أملاك الدولة والخزنة الإقليمية. وتتوزع التهم بين تبديد أموال عمومية، تزوير وثائق إدارية، والحصول على تراخيص بطرق غير قانونية، وهي جرائم يعاقب عليها الفصل 241 من القانون الجنائي المغربي.
وترتكز هذه الملفات على تقارير رسمية صادرة عن المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للإدارة الترابية، إضافة إلى شكاوى قدمتها جمعيات ومراقبون نشطون في مجال حماية المال العام، رغم الانتقادات التي سبق أن وجهها وزير العدل عبد اللطيف وهبي لهذه الجمعيات واتهامها بـ«الابتزاز».
ويرى مراقبون أن هذه الحملة قد تحدث تحولات كبيرة في المشهد السياسي، إذ بدأ بعض المنتخبين يعيدون النظر في خوض الانتخابات المقبلة خشية التعرض للملاحقة القضائية، بينما تحاول وجوه سياسية جديدة استثمار خطاب النزاهة والحكامة الجيدة لاستقطاب الناخبين.
ومع ذلك، يبقى جزء من الرأي العام متشككاً في مدى استمرارية الحملة وفعاليتها، مطالباً بمزيد من الشفافية والجرأة في محاربة الفساد على كل المستويات.
تأتي هذه الحملة في ظل توجه الدولة نحو تشديد الرقابة على المال العام، وتحصين المؤسسات المنتخبة، في محاولة لإرساء قواعد حكم رشيد ومحاربة الفساد الذي طالما شكل عائقاً أمام التنمية والعدالة الاجتماعية في المغرب.