هذه وصفة “ماكينزي” لإنعاش الاقتصاد المغربي
وفقًا لدراسة أجرتها “ماكينزي”McKinsey ، يمكن للاقتصادات الأفريقية الخمسة الرئيسية ، بما في ذلك المغرب، تعزيز نموها من خلال تفعيل خمسة عوامل رئيسية، تتعلق بتحسين إنتاجيتها من خلال التحول الرقمي السريع، وتطوير المهارات المحلية، وتعزيز التعاون الإقليمي، والاستثمار في التحضر وتشجيع رواد الأعمال المحليين.
وسجلت أكبر خمسة اقتصادات في أفريقيا (المغرب والجزائر ومصر ونيجيريا وجنوب إفريقيا) نموًا موحدًا أبطأ من بقية القارة. هذا ما ظهر من الدراسة الجديدة التي أجرتها شركة ماكينزي بعنوان “إعادة تصور النمو الاقتصادي في أفريقيا: تحويل التنوع إلى فرصة”. ويوضح واضعوا التقرير أن هذا المستوى من النمو “يزيد من صعوبة تحسين الظروف المعيشية لنحو 400 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر في أفريقيا”.
المغرب من البلدان الأفريقية التي تعثر نموها بين 2010 و2019
وتشير الوثيقة إلى أن هذه الاقتصادات الخمسة الرئيسية قد ولدت وحدها ما يقرب من 75% من الناتج المحلي الإجمالي لأفريقيا في 2019، وأعاق نموها العديد من العوامل، بما في ذلك جائحة كورونا. إضافة إلى ذلك، يعد المغرب بين 13 دولة في القارة التي شملتها الدراسة تحت اسم “التباطؤ الأخير”. وتمثل البلدان في هذه المجموعة أكثر من نصف صادرات المواد الأولية للقارة، بالنظر إلى مستوى نموها بين 2010 و2019، وبسبب عدة عوامل، بما في ذلك الصادرات والاستثمار حسب الفرد الذي يكون نموه أقل من المتوسط القاري.
ويعتبر معدل الكهربة، عامل تباطؤ آخر في أفريقيا. وفي هذا الجانب، يتم الاستشهاد بالمملكة كمثال للنجاح، ذلك أن 100 مليون من سكان المدن الأفريقية، اي 18% من سكان المناطق الحضرية، لا يلجون إلى الكهرباء. وفي الوقت الذي حققت بلدان مثل المغرب ومصر وتونس كهربة حضرية شبه كاملة، فإن تغطية جمهورية أفريقيا الوسطى مثلا تقل عن 40%، فيما تظهر الفجوة أكبر في البنية التحتية للمياه والصرف الصحي.
ولتسريع الإنتاجية والنمو في إفريقيا، اقترحت الدراسة حلولا رئيسية:
تسريع التحول الرقمي
تشهد القارة تحولًا هيكليًا في اقتصادها نحو الخدمات على مدى عقدين من الزمن. ويتوقع خبراء “ماكينزي” أن “التوظيف في قطاع الخدمات نما بنسبة تراوحت بين 30 % و39 خلال هذه الفترة، ومن المتوقع أن يستوعب هذا القطاع ما يقرب من نصف الوافدين الجدد إلى سوق العمل بحلول 2030”.
ومع ذلك، يوضح الخبراء “رغم أن الخدمات توفر فرصًا هائلة لتحفيز الإنتاج الاقتصادي وإحداث فرص الشغل في أفريقيا، إلا أن هذا لن يكون قابلاً للتحقيق إلا إذا زادت إنتاجية القطاع”. وبالتالي، هناك حاجة إلى تدابير هادفة لتحسين الإنتاجية في الخدمات، وعلى رأسها “زيادة الرقمنة وتنمية المهارات”.
وكشفت الدراسة كذلك أنه إذا حققت أفريقيا معدل نمو الإنتاجية نفسه، كمراكز الخدمات الرئيسية في آسيا، فيمكنها “إضافة 1.4 تريليون دولار إلى اقتصاد القارة بحلول 2030، وبالتالي إحداث 225 مليون وظيفة”.
يجب تثمين الكفاءات المحلية وتعزيز التعاون بين الجهات
رافعات أخرى ممكنة للنمو القائم على زيادة الإنتاجية عبر رفع الإنتاج المحلي والصادرات. والهدف هو تلبية الطلب المحلي المتزايد. يضاف إلى ذلك تعزيز العلاقات والاستثمارات الإقليمية، “الهادفة إلى تحسين إنتاجية الموارد لدعم التحول العالمي للطاقة ورفع الإنتاجية الفلاحية”، وهو التحدي الذي اجتازه المغرب باقتدار. وبهذا الخصوص، يؤكد مهدي لحريشي، المدير المساعد في “ماكينزي”، مكتب الدار البيضاء، والمدير المساعد لـ”ماكينزي” بالمغرب، انه “بينما تمكنت بلدان مثل المغرب وإثيوبيا ورواندا من زيادة إنتاجها الفلاحي بسرعة، ما تزال الدول الأفريقية الأخرى متخلفة من حيث الإنتاجية”.
تحسين البنى التحتية الحضرية
يعد تحسين البنية التحتية الحضرية تحديًا يجب مواجهته بنجاح لزيادة إنتاجية الأفراد والشركات، وهو الأمر الذي يختزله خبراء “ماكينزي” في تسمية “المدن الثانية”. والفكرة هي التخفيف عن المدن الكبرى مع العلم الآن أنه بحلول 2040، يقدر الخبراء أن “500 مليون شخص سيغادرون المناطق القروية إلى المدن”. ويستشهدون بكيب تاون في جنوب إفريقيا وكوماسي في غانا كأمثلة على النتائج الإيجابية التي يمكن أن تحققها السياسات والاستثمارات الموجهة نحو تنمية المدن الثانوية.
المقاولون المحليون.. ثروة يتعين الترويج لها
الحل الأخير الذي اقترحه خبراء “ماكينزي” هو “التركيز على زيادة عدد المقاولات الخاصة الكبيرة في القارة”. والهدف، وفقًا للتقرير، هو تعزيز الابتكار ونمو العمالة والصادرات وعائدات الضرائب. ومن هذا المنطلق، من المهم زيادة عدد المقاولات المحلية الكبيرة. وتشير الوثيقة بالتالي إلى أن المغرب لديه حوالي عشرين منها، يتجاوز رقم معاملاتها السنوية مليار دولار، بينما، على سبيل المثال، تتوفر جنوب أفريقيا على 7 أضعاف العدد المذكور (147) ومصر 33. لذلك، يعتقد الخبراء، أنه سيكون من الحكمة الاستلهام من البلدان والمدن والمقاولات التي كانت على مدى العقد الماضي مصادر للابتكار والإنتاجية والنمو، ليظل المفتاح إذن هو تكييف النجاحات المسجلة في القارة، مع السياق المحلي لكل بلد. ما يمثل تحديا كبيرا.
عذراً التعليقات مغلقة