القضاء يؤكد احترام معايير المحاكمة العادلة في قضايا أحداث العنف والتخريب الأخيرة بالمغرب
أكد القاضي حسن فرحان، ممثل رئاسة النيابة العامة، أن جميع الأحكام والقرارات الصادرة في القضايا المرتبطة بأحداث العنف والتخريب التي رافقت المظاهرات غير المصرح بها نهاية شهر شتنبر الماضي، تم إصدارها في أجل معقول يراعي الوضعية الجنائية والاجتماعية للمتهمين، مشدداً على أن “الحديث عن التسرع في إصدار الأحكام لا أساس له من الصحة”.
وأوضح فرحان في تصريح صحفي اليوم الثلاثاء بالرباط، أن النيابات العامة والقضاء حرصا على احترام كل ضمانات المحاكمة العادلة، بدءاً من لحظة إيقاف المشتبه فيهم إلى غاية النطق بالأحكام، حيث تم إنجاز محاضر الاستماع وفق الإجراءات القانونية، وتمكين المتهمين من حقوق الدفاع والاتصال بمحاميهم وإشعار عائلاتهم، نافياً وجود أي “اعترافات انتُزعت تحت الإكراه” كما تروج بعض الأطراف.
أرقام ومعطيات رسمية حول المتابعات
وبيّن القاضي أن أحداث العنف التي شهدتها عدة مدن مغربية، من بينها الرباط، الدار البيضاء، أكادير، طنجة، ووجدة، أسفرت عن توقيف آلاف الأشخاص، حيث تم إخلاء سبيل حوالي 3300 شخص بعد التحقق من هوياتهم وتنقيطهم أمنياً، في حين تمت متابعة 2480 شخصاً أمام النيابات العامة المختصة.
من بين هؤلاء، 959 متابعاً في حالة سراح، و1473 متابعاً في حالة اعتقال، وهو رقم تراجع لاحقاً بعد صدور أحكام بالحبس موقوف التنفيذ أو بالبراءة، إضافة إلى تسليم عدد من القاصرين لأولياء أمورهم وفق القواعد الخاصة بمحاكمة الأحداث. كما قررت النيابات العامة حفظ المسطرة في حق 48 مشتبهاً فيه.
طبيعة الجرائم وأسباب الأحكام
ووفق المعطيات المقدمة، شملت المتابعات القضائية جرائم متعددة، من بينها:
العصيان الجماعي واستعمال السلاح
إهانة موظفين عموميين أثناء مزاولة مهامهم
العنف المفضي إلى إراقة الدم
التحريض على ارتكاب جنايات وجنح
المشاركة في التجمهر المسلح والتخريب ونهب الممتلكات
إضرام النار عمداً في بنايات ومركبات
السرقة الموصوفة وحيازة السلاح في ظروف تهدد السلامة العامة
وأكد فرحان أن تدخلات القوات العمومية كانت “وفق القانون وداخل الصلاحيات المخولة لها”، وهدفها حماية الأرواح والممتلكات وضمان النظام العام، مشيراً إلى أن بعض المتجمهرين ارتكبوا أفعالاً خطيرة مثل قطع الطرق وإضرام النار، مما تسبب في إصابات خطيرة في صفوف عناصر الأمن وخسائر مادية جسيمة.
الأحكام والعقوبات
على صعيد المحاكم، بلغ عدد المتهمين الذين صدرت في حقهم قرارات من غرف الجنايات الابتدائية 66 شخصاً، تمت إدانة 61 منهم مقابل البراءة لـ5. وتراوحت العقوبات بين سنة واحدة وخمس عشرة سنة سجناً، رغم أن بعض الأفعال يمكن أن تصل عقوبتها القانونية إلى 30 سنة، وهو ما يعكس – بحسب المتحدث – تقدير المحاكم لظروف المتهمين الاجتماعية وعدم سوابقهم القضائية.
أما على مستوى المحاكم الابتدائية، فقد صدرت 301 حكماً، منها:
208 أحكام بعقوبات نافذة
66 بعقوبات موقوفة التنفيذ
27 بالبراءة
كما تمت محاكمة 162 حدثاً، قضت المحاكم بتسليم 83 منهم لأولياء أمورهم مراعاةً لمصلحتهم الفضلى.
نسب البراءة والإدانة
وحسب الأرقام المعلنة، بلغت نسبة البراءة في المحاكم الابتدائية 11,4% من مجموع الأحكام، فيما سجلت محاكم الاستئناف نسبة 9,7% من القرارات بالبراءة.
وأكد القاضي فرحان أن هذه المعطيات “تبرهن على أن القضاء تعامل مع هذه الملفات بموضوعية وتوازن، مستنداً إلى أدلة قانونية واضحة واحترام تام لمبدأ قرينة البراءة”.
واختتم المسؤول القضائي تصريحه بالتأكيد على أن رئاسة النيابة العامة تتابع هذه القضايا “بكل جدية ومسؤولية”، وأن العدالة المغربية أثبتت قدرتها على تحقيق التوازن بين حماية الأمن والنظام العام وبين صون حقوق الأفراد وضمان محاكمات عادلة وشفافة.



































