التأديب وغياب التحفيز يدفعان قضاة مغاربة إلى التقاعد النسبي والاستقالة

Imou Media9 يوليو 2023
التأديب وغياب التحفيز يدفعان قضاة مغاربة إلى التقاعد النسبي والاستقالة

التأديب وغياب التحفيز يدفعان قضاة مغاربة إلى التقاعد النسبي والاستقالة

يثير تزايد إقبال القضاة على تقديم استقالاتهم أو تقديم طلبات التقاعد النسبي أو طلبات وضع حد لتمديد سن التقاعد قلق “نادي قضاة المغرب”، الذي أثار هذه النقطة في اجتماع مجلسه الوطني المنعقد يوم أمس السبت 08 يوليوز الجاري ، منبها إلى انعكاساتها السلبية على عمل القضاة، نتيجة تأثيرها على حجم الخصاص المسجل في المحاكم.

وقال “نادي قضاة المغرب”، في بلاغ أصدره عقب انعقاد مجلسه الوطني، إنه لاحظ في الآونة الأخيرة إقبال العديد من القضاة على الاستقالة من مناصبهم أو طلب التقاعد النسبي أو وضع حد لتمديد سن التقاعد، وإنه أحال هذا الأمر على اللجنة المكلفة بالشؤون القانونية والقضائية في النادي لدراسته من أجل معرفة الأسباب الكامنة وراء ذلك في أفق إعداد تقرير حول هذه الوضعية.

غياب الشعور بالإنصاف

المعلومات المتوفرة تفيد بأن استقالة القضاة والتعجيل بترك مناصبهم في إطار التقاعد النسبي وعدم الرغبة في تمديد سن تقاعدهم لها أسباب متعددة، منها تفاقم الخصاص الذي تعاني منه المحاكم، وما يخلفه من أعباء التحرير الذي يقض مضجع القضاة.

وتُقر المؤسسات المعنية بتدبير مرفق القضاء بالخصاص الكبير الذي تعاني منه محاكم المملكة على مستوى القضاة، إذ سبق لمحمد عبد النباوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن أكد أنّ حصة كل قاض من القضاة المكلفين بإصدار الأحكام تناهز 1700 قضية، أي بمعدل حوالي 7 أحكام في كل يوم عمل (250 يوما)، مؤكدا أن الزيادة في عدد القضاة “مطلب آني وأكيد”.

واستنادا إلى المعطيات التي قدمها عبد النباوي في افتتاح السنة القضائية الجارية يتوقع أن يتفاقم الخصاص في المحاكم بعد افتتاح محاكم جديدة، إذ بُرمج افتتاح 14 محكمة، وتفعيل ما يزيد عن 23 مركزا للقاضي المقيم، فضلا عن ضرورة تعويض القضاة الذين يحذفون من الأسلاك بسبب انتهاء مدة خدمتهم أو لأسباب أخرى (أكثر من 100 قاض كل سنة)، وتدارك الخصاص الذي تعاني منه المحاكم حاليا، ومواكبة ارتفاع عدد القضايا الرائجة بالمحاكم، الذي يوازي حوالي 10 في المائة كل سنة.

وكشف مصدر من نادي قضاة المغرب، لهسبريس، أن من بين أسباب استقالة القضاة من سلك القضاء أو تخليهم عن مناصبهم عن طريق التقاعد النسبي أو عدم الرغبة في تمديد سن تقاعدهم كثرة الإحالات إلى المجلس التأديبي، بسبب المادة 97 المتعلقة بالخطأ الجسيم.

وذهب المصدر ذاته إلى القول إن عمل القضاة “أصبح ملغوما، بحيث يمكن أن تترتب عن بعض الأخطاء المرتكبة بحسن نية الإحالة على المجلس، حتى وإن تعلق الأمر بأخطاء في القانون يمكن تصحيحها عن طريق ممارسة الحق في الطعن”.

المصدر المتحدث أفاد بأن “عددا من القضاة الذين أحيلوا على المجلس بسبب أخطاء مهنية أو تقارير سلبية من المسؤولين القضائيين، ويشعرون بعدم الإنصاف، يختارون تقديم الاستقالة من المهنة عوض ممارسة حق الطعن المكفول دستوريا أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض”، وعزا الأمر إلى كون “غالبية المقررات الصادرة في هذا المجال هي مقررات بعدم القبول”.

وسبق لنادي قضاة المغرب أن أثار خلال مناقشة مشاريع قوانين السلطة القضائية ضرورة إحداث مجلس الدولة لرفع الحرج عن قضاة الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، معتبرا أنه لا يعقل أبدا أن تراقب الغرفة الإدارية قرارات رئيسها.

هذه الوضعية دفعت عددا من القضاة إلى تقديم استقالتهم من سلك القضاء، منهم حالة قاض شاب أحيل على المجلس التأديبي بناء على تقرير من رئيس المحكمة التي كان يزاول فيها مهمته القضائية، لكونه اعترض خلال الجمعية العمومية على عدم احترام المقاربة التشاركية في توزيع الجلسات.

وتفاجأ القاضي الشاب، وفق حيثيات الواقعة المنشورة في صفحة نادي قضاة المغرب على منصة “فيسبوك”، بقرار المجلس القاضي بتنقيله من قضاء الحكم في محكمة متخصصة إلى النيابة العامة في محكمة عادية بمدينة أخرى، ما دفعه إلى تقديم استقالته احتجاجا على عدم إنصافه؛ وأثارت قضيته تضامنا واسعا معه من طرف زملائه القضاة.

أسباب اقتصادية

وتأتي مشاريع إصلاح نظام التقاعد الذي تنكب عليه
الحكومة أيضا ضمن الأسباب التي دفعت عددا من القضاة إلى تقديم طلبات الاستفادة من التقاعد النسبي، ذلك أنهم يفضلون التقاعد وفق القانون القديم الذي يضمن لهم حقوقا أكبر.

وقال المصدر الذي تحدث إلى هسبريس إن عددا من القضاة فضلوا مغادرة مناصبهم لأسباب اقتصادية نتيجة بطء وتيرة إصلاح منظومة أجور القضاة، خاصة قضاة الدرجة الاستثنائية الذين لم تسوَّ وضعيتهم المادية منذ حوالي عقدين من الزمان، رغم الوعود المقدمة بتسوية هذا الملف خلال الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة.

وأفاد المصدر ذاته بأن هذا الوضع “يجعل عددا من القضاة يفضلون تقديم الاستقالة من سلك القضاء والالتحاق بصفوف المحاماة كمهنة حرة توفر تحفيزات أهم”.

وجدّد “نادي قضاة المغرب” خلال التئام مجلسه الوطني أمس السبت مطالبته بالمراجعة الدورية لأجور القضاة، وتعديل المرسوم المتعلق بالتعويضات الممنوحة لهم، كما صادق على وثيقة “التحصين الاقتصادي والاجتماعي لاستقلالية السلطة القضائية”، التي يُرتقب أن يرفعها مكتبه التنفيذي إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية.

من جهة ثانية، دعا المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب المكتبَ التنفيذي للنادي إلى تقديم تقرير إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية حول بعض مستجدات الساحة القضائية، “دعما لنزاهة القضاء وتحصينا لاستقلالية القضاة وضمانا لحمايتهم من التهجمات والاعتداءات المعنوية عليهم”.

Comments

Sorry Comments are closed

Type a small note about the comments posted on your site (you can hide this note from comments settings)