جولة أبريل للحوار الاجتماعي: وعود متجددة أم استهلاك سياسي لتهدئة الشارع؟

Imou Media23 أبريل 2025
جولة أبريل للحوار الاجتماعي: وعود متجددة أم استهلاك سياسي لتهدئة الشارع؟

جولة أبريل للحوار الاجتماعي: وعود متجددة أم استهلاك سياسي لتهدئة الشارع؟

في مشهد يتكرر مع اقتراب كل فاتح ماي، انطلقت جولة جديدة من الحوار الاجتماعي، يرأسها هذه المرة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وسط حضور وزاري مكثف ومشاركة أبرز المركزيات النقابية والباطرونا. جولة تحمل في ظاهرها الكثير من الوعود، لكن يظل السؤال الأهم: هل نحن أمام مسار تفاوضي منتج، أم مجرد لحظة سياسية لتلطيف الأجواء الاجتماعية استعدادًا لعيد العمال، الذي فقد الكثير من رمزيته وتحول إلى مجرد طقس سنوي بروتوكولي؟

الحكومة تؤكد بلغة شبه احتفالية تنفيذ التزامات سابقة من بينها الزيادة العامة في الأجور، وتخفيض الضريبة على الدخل، ورفع الحد الأدنى للأجور في مختلف القطاعات. وتلوح كذلك بإصلاحات هيكلية منتظرة في ملفات كبرى كالتقاعد ومدونة الشغل. غير أن هذا السرد الإيجابي يصطدم بواقع اجتماعي يغلي تحت السطح، حيث لا تزال فئات واسعة من الشغيلة تعاني من هشاشة مزمنة، ومطالب مزمنة تم تأجيلها مرارًا تحت ذريعة الظرفية أو الإصلاح التدريجي.

العاملة. فالسؤال الجوهري الذي يطرحه المتابعون اليوم هو: هل هذه الجولة ستفضي فعلاً إلى نتائج ملموسة ومُرضية، أم أنها ستنتهي كغيرها بخلاصات عامة وبيانات مشتركة، ليعود الجميع بعدها إلى مواقع الانتظار؟

ثم إن إشادة الحكومة بـ”روح التوافق” و”المنهجية التشاركية” تبدو في غير محلها، إذا ما قورنت بحجم الإحباط المتراكم داخل النقابات نفسها، والتي لم تعد تخفي امتعاضها من بطء تنفيذ الاتفاقات، ومن طابع “الترقيع” الذي يطغى على بعض الإصلاحات بدل أن تكون شاملة ومهيكلة.

وحتى مسألة التوقيت لا تخلو من دلالة سياسية، إذ أن تزامن هذه الجولة مع اقتراب فاتح ماي، يُطرح كمؤشر على أن الحكومة ربما تسعى فقط إلى تمرير المرحلة بأقل كلفة اجتماعية، دون أن تحمل على عاتقها تغييرات نوعية حقيقية في علاقة الدولة بالطبقة العاملة.

إن إخراج الحوار الاجتماعي من موسميته، وربطه برؤية استراتيجية حقيقية لإعادة التوزيع العادل للثروة وتقوية الحماية الاجتماعية، هو ما يُنتظر من الحكومة. فغير ذلك، سيبقى الحوار مجرد واجهة دبلوماسية داخلية، لا تنعكس فعليًا على تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، ولا على ترسيخ الثقة في المؤسسات.
فهل تنجح جولة أبريل في كسر حلقة الحوار الاجتماعي العقيم، وتُسجل كتحول نوعي في علاقة الدولة بالنقابات والشغيلة؟ أم أنها ستنضم بدورها إلى قائمة الجولات الموسمية التي تنتهي ببيانات مطمئنة ووعود مؤجلة، دون أن تترك أثرًا ملموسًا يعيد الثقة في جدوى الحوار كآلية فعلية للإصلاح والتغيير؟

الرباط : إدريس بن مسعود

ن و : عمر مرية بالكوجا

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.